هكذا تسببت دورة “الفورة والركود” في أزمة الغاز

قال جوناثان ستيرن باحث متميز في الغاز بمعهد أكسفورد لدراسات الطاقة، إن أزمة الغاز الطبيعي التي تعيشها أوروبا حاليا سببها جائحة كورونا.

وأضاف في حديثه لـ “العربية” أن دورة “الفورة والركود” التي أدت بالبداية إلى ركود حاد ومن ثم إلى تعاف حاد أيضا، كانت سببا في الأزمة الحالية.

وتابع: “لدينا عوامل شتى تضافرت جميعها لتشكل عاصفة مكتملة العناصر. وبالطبع، فإن الشتاء البارد الذي عشناه العام الماضي لم يساعدنا، حيث أدى ذلك إلى انخفاض مخزوناتنا من الغاز بأكثر من المتوقع. وبالتالي هذه الأمور جميعها أفضت إلى حالة استثنائية”.

وأوضح أن الموقف الروسي معقد، وخط أنابيب “نورد ستريم 2” جزء من هذا التعقيد.

وتابع: “قبل سنوات عملت لمدة خمسة أعوام كالمتحدث عن الاتحاد الأوروبي في المجلس الاستشاري للغاز الأوروبي الروسي. وكان الروس وقتها يطالبوننا مرارا وتكرارا بعدم الانتقال بسوق الغاز إلى ما هي عليه اليوم من منظومة تعتمد على التسليم الفوري والأسعار الفورية”.

الروس مقتنعون تماما بأن الطريقة الأمثل لتجارة الغاز هي عبر عقود طويلة الأجل مرتبطة بأسعار النفط. وما قلناه للروس وقتها كان: لا نريد الانتقال إلى سوق فورية للغاز.

وأوضح أن أسعار الغاز الفورية في أوروبا على مدار السنوات العشر الأخيرة، حتى مطلع السنة الحالية كانت بالمجمل أقل من أسعار الغاز المرتبطة بالنفط. وحتى في العام الماضي 2020 طوال السنة تقريبا، الأسعار الفورية للغاز كانت أقل بنحو أربع إلى ست مرات مقارنة بأسعار الغاز المرتبطة بالنفط.

“أما اليوم فالأسعار الفورية هي أعلى بنحو الضعفين إلى أربعة أضعاف. بالتالي هل خط “نورد ستريم 2” قادر على تغيير هذا الواقع؟ أنا لا أعتقد ذلك. لأنه في حال بدئه بالعمل، فإن هذا الخط سيجلب نفس الغاز الذي يملأ حاليا الأنابيب العابرة لروسيا البيضاء وبولندا وأكرانيا. فالروس خلال الأشهر الثلاثة أو الأربعة الأخيرة لم يكن لديهم كميات إضافية من الغاز لبيعها لأوروبا. لأنهم مروا بنفس الشتاء القارس الذي عشناه نهاية العام الماضي وبداية هذا العام. وبالتالي فإن مخزوناتهم أيضا أصبحت شبه خالية. وهذا ما دعاهم إلى إعادة بنائها. ومن المتوقع الانتهاء من هذه العملية نهاية الشهر الجاري”، وفقا لستيرن.

وأوضح أن من السهل جدا أن نلوم روسيا وأن نقول إنها السبب خلف كل ما يحصل، لكن روسيا لم تخترع هذه المنظومة السوقية للغاز. نحن في أوروبا خلقناها، وقد تمتعنا بأسعار غاز منخفضة لفترات طويلة نتيجة ذلك. ولكننا اليوم للأسف نعاني نتيجة ذلك أيضا من أسعار غازٍ مرتفعة.

وتابع: “الجزائر قالت إنه إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق جديد حول خط “المغاربي-الأوروبي” قبل نهاية الشهر الجاري، فإنها قادرة على إمداد إسبانيا والبرتغال بنفس الكميات السابقة باستخدام خط الأنابيب الآخر: “ميد غاز”.

سيناريوهات الغاز

وأشار إلى أنه في حال استمرار أسعار الغاز المرتفعة فإن الغاز سيصبح مرتفع الثمن وغير منافس في الكثير من المناطق في أوروبا. وستصبح أنواع الوقود الأخرى الأكثر تلويثا أكثر تنافسية من حيث الكلفة. وستستبدل الغاز.


مصدر الخبر

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*