حجر رشيد.. كيف كانت اللغة القبطية مفتاح شامبليون لكشف أسرار مصر القديمة؟


بعد هزيمة القوات الفرنسية في معركة أبي قير البحرية على يد القوات الإنجليزية تم نقل حجر رشيد إلى بريطانيا ليبقي بها حتى يومنا هذا، منذ العثور عليه، صنع فنانون وعلماء نماذج مقلدة من الحجر ورسومات للكتابة الموجودة عليه، لتسهيل معرفة الرموز المصرية القديمة، لكن جهودهم لم تصل إلى سر اللغة المصرية القديمة، حتى جاء العالم الفرنسي الشاب جان فرانسوا شامبليون في كشف هذا اللغز، الذي فتح أمام العالم أسرار حضارة مصر القديمة.


تمر اليوم الذكرى الـ 200 لفك رموز حجر رشيد على يد عالم المصريات الشهير شامبليون، فى 27 سبتمبر من عام 1922، وهو نصب من حجر الجرانودايوريت مع مرسوم صدر في ممفيس، في 196 قبل الميلاد نيابة عن الملك بطليموس الخامس، يظهر المرسوم في ثلاثة نصوص: النص العلوي هو اللغة المصرية القديمة الهيروغليفية المصرية، والجزء الأوسط نص الهيراطيقية، والجزء الأدنى اليونانية القديمة.


تعد اللغة القبطية بمثابة عنصر السحر في فك رموز المصرية القديمة، إذ اعتمد عليها شامبليون بشكل أساسي، بعكس باقي العلماء الذين سبقوه ولم يتمكنوا من الوصول إلى إنجازه.


ويشرح عالم المصريات الأميركي الشهير بوب براير، آلية عمل شامبليون، قائلاً إنه ظل يعمل لسنوات في دراسة حجر رشيد متنقلاً في أرجاء باريس، معتمداً على معرفته باللغة القبطية في دراسة النص المكتوب، وقارنه باليونانية ولاحظ تكرار كتابة اسم بطليموس أكثر من مرة في الجزء العلوي من حجر رشيد.


ولم تقف دراسته عند هذا الحد فدرس نصوصاً مصرية قديمة متنوعة، وتوصل لبعض أسماء الملوك والمصطلحات. على سبيل المثال وصل لمعرفة كتابة اسم كليوباترا، واستمر جهده لسنوات حتى تمكن من فك طلاسم اللغة عام 1822 وكان عمره وقتها 32 عاماً.


ويرى براير أن عبقرية شامبليون “تكمن في استخدامه اللغة القبطية كتطور أخير للغة المصرية القديمة وبدونها لم يكن يصل إلى إنجازه التاريخي”.


وبحسب ما نقله موقع هيئة الإذاعة البريطانية، يقول المؤرخ الفرنسي روبير سوليه، في دراسته “مصر ولع فرنسي” إن شامبليون بفضل معرفته، من خلال شقيقه، بجوزيف فورييه، الذى شغل منصب سكرتير البعثة العلمية خلال حملة نابليون بونابرت على مصر (1798-1801)، شغف بدراسة تاريخ مصر بما وفره له من مساحة اطلاع على مجموعته الخاصة من مقتنيات أثرية أثارت فضول شامبليون وقادته نحو عشقه لكل ما ينتمي إلى مصر.


ويضيف سوليه: “أطلعه (فورييه) على أوراق بردي ومقتطفات من الكتابة الهيروغليفية المنقوشة فوق الحجر، كما قدّمه لبعض زواره مثل دوم رافائيل، الراهب القبطي، الذي يلقي دروسا في اللغة العربية في مدرسة اللغات الشرقية”.


التقط شامبليون طرف الخيط من دراسته للقبطية، التي لم تعد تستخدم إلا في صلوات وطقوس دينية مسيحية، وتُكتب بحروف يونانية، ولا توجد لها علاقة ظاهرية بالخط الهيروغليفي، فمنذ القرن الرابع الميلادي لم يُنقش شيء بالخط الهيروغليفي في مصر، وذهب سره مع آخر كهنة مصر القديمة.


كان شامبليون قد استمع لأول مرة فى حياته لقداس باللغة القبطية في كنيسة بإحدى ضواحى باريس، إنها كنيسة “سان روش”، التي تعرّف فيها – بفضل أستاذه دوم رافائيل – على كاهن مصري سيعطيه مفتاح حل اللغز.


استطاع شامبليون الإلمام الكامل بالقبطية على يد هذا الكاهن المصري “يوحنا شفتشي”، الذي جاء إلى فرنسا عام 1802، وكان يعرف اللغتين العربية والقبطية، ولا نعرف عن حياته الكثير.


مصدر الخبر

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*