“لو ضربك اضربيه ولو شتمك اشتميه”.. نصيحة للزوجات هل يقبلها ا


02:02 م


الجمعة 11 يونيو 2021

كتبت – آمال سامي:

“ما هو طبيعي لو ضرب هيتضرب ولو شتم هيتشتم” هكذا أجاب ياسر سلمي، الذي يعرف نفسه بـ “باحث في التراث” على سؤال ورده عبر صفحته الرسمية على الفيسبوك حول الحكم الشرعي لضرب الزوجة لزوجها وشتيمتها له ردًا على ضربه وشتيمته لها، وهو ما أثار موجة من الجدل على السوشيال ميديا، ما بين مؤيد ومعارض، إذ يرى البعض ذلك طريقًا لوقف اعتداء الزوج على زوجته، ويراه آخرون تصعيدًا للموقف ودمارًا للأسرة.. فما هو رأي الشرع في ذلك، وهل يجوز للمرأة أن تعتدي على زوجها طالما قد اعتدى عليها تطبيقًا لحد “القصاص” حسبما ذكر سلمي؟

“وظيفة الدعاة المصلحين هي وظيفة الأنبياء ” يقول محمد خليفة البدري، مدرس أصول الدين بجامعة الأزهر، تعليقًا على منشور ياسر سلمي، مستشهدًا بقوله تعالى: قال تعالى: “قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ”، وقوله: “وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إلَى الْـخَيْرِ”، وغيرها من الآيات، مؤكدًا ان المجتمع في هذه الأوقات يحتاج إلى للعلماء الربانيين المصلحين وطلاب العلم العاملين أكثر من أي وقت مضى، “فعندما نصل في وقت الفتن إلى الدعوة للمقاتلة والمشاحنة بين الزوجين دون فهم الأمور من الطرفين فلا بد من التنبيه على أن يتبصر العامي، ولا يأخذ دينه من فرد لا يفهم مقاصد الشرع”.

وأكد البدري، في حديثه لمصراوي، أن الصراع بين الزوجين لا يحل بالضرب بين الطرفين، مضيفًا أن على الداعية قبل التكلم أن يكون فقيه النفس سليم الذهن رصين الفكر صحيح التصرف والاستنباط متيقظا، وأن يفهم مقاصد الشرع الشريف وأن يفهم الواقع لينزل الأدلة على الواقع وأن يعرف متى يتكلم ومتى يسكت وألا يكون باحثا عن الشهرة والوصول للرواج على حساب بيوت المسلمين وضرب من حقه المودة.

وأشار البدري إلى أن عقد النكاح سماه الله في كتابه ميثاقا غليظا قال تعالى:” وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا ” روي عن ابن عباس ومجاهد ، وسعيد بن جبير : أن المراد بذلك العقد، وقال تعالى في سورة البقرة: “هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ”، فشبه كلاًّ من الزوجين باللباس للآخر، وكلمة “لباس” تحمل معنى عظيم الدلالة حسب تعبير البدري، فهي تدل على مدى الألفة التي أرادها الله للزوجين من خلال هذا التشبيه، مؤكدًا أن الأصل في الخلافات الزوجية الستر، وعدم النشر، وإلا صار حلها معقداً في الغالب.

فالعلاقة الزوجية علاقة سامية لذا أمر الله تعالى:”وعاشروهن بالمعروف”، و هو “أمر للأزواج بعشرة نسائهم بالمعروف”

وقال تعالى:” (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ)، ولهن على الرجال من الحق مثل ما للرجال عليهن، فليؤد كل واحد منهما إلى الآخر ما يجب عليه بالمعروف

وقال الحبيب المصطفى في حجة الوداع :” واستوصوا بالنساء خيرا “

واستنكر البدري ما قاله ياسر سلمي، الذي وصف نفسه بالباحث في التراث، بأن يدعو لضرب الزوجة لزوجها إن كانت قادرة أما إن كانت ضعيفة فلا ينصح برد الضرب والشتم حيث قال :” لا ننصح برد الشتم أو الضرب إلا إذا كانت الزوجة قادرة على الدفاع عن نفسها “.

وقال البدري إنه استخدم ألفاظا لا تليق :” والمهزق ملوش غير التهزيق طبعا “، “شغل البلطجية وحثالة الناس وزبالة المجتمع ” متسائلًا: هل هذه ألفاظ تليق بالدعاة الذين يقوّمون المجتمع ويدعون إلى الخير؟ مؤكدًا أن رد السيئة بالسيئة لم يكن في الشرع الإسلامي بل قال تعالى :”ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ “، مؤكدًا أن البيوت تقوم على المودة والرحمة وكل يتحمل بعض أخطاء شريكه ويصبر عليه وتصبر عليه

وعلق البدري على قول ياسر سلمي في منشوره:” طيب ما هو طبيعي لو شتم هيتشتم ولو ضرب هيضرب “، قائلًا أن هذه طبيعة البلطجة والغاب والفكر العفن، فالطبيعة إذا لم تنضبط بالشرع فهي طبيعة الغاب وطبيعة البلطجة يدعو الناس إليها، مؤكدًا أن الإسلام لا يدعو لضرب الزوجة التي تصون نفسها وزوجها ولا يدعو لضرب الزوج.

“إذا كان خيار الناس من الرجال لا يضرب زوجته فهل نبيحه للزوجة؟” يقول البدري مستنكرًا، حيث قال الإمام الشافعي بعد أن ذكر جواز ضرب الناشز للتأديب: ولو ترك الضرب كان أحب إلي، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم -: ولن يضرب خياركم، وأشار كذلك إلى قول رسول الله: “لا تضربوا إماء الله “، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم – الرجال عن ضرب النساء، ثم ذئرن النساء على أزواجهن فأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يضربوهن ثم قيل لهم بعد ولن يضرب خياركم فقد حث النبي على ترك الضرب.

البدري يطرح رؤية الشرع لحالات ضرب المرأة

إذا كانت المرأة ناشزًا ولا حل لها إلا الضرب، فيقول البدري أن للضرب هنا ضوابط وشروط وهي:

1. أن يكون بعد نفاد جميع الحلول السلمية ويكون متأكدًا أن الضرب هو الحل الوحيد.

2. يكون الضرب غير مبرّح، وغير مدمٍ.

3. ضربها بسواك أو منديل مجموع.

4. أن يتوقّى فيه الوجه والأماكن المخوفة، لأنّ المقصود منه التّأديب لا الإتلاف

يقول البدري: “إذا كان هذا في حق الرجل فما بالك بالمرأة أصل الليونة والدلال والضعف والسكن والمودة”، فيرى أن خطاب ياسر سلمي قد حولها لرجل يصارع رجلا “ولن تطيق نفسها”.

وقال البدري إن المرأة يسكن إليها الرجل فكيف لها أن تضربه ؟ وهل إذا ضربته تقبله في العلاقة الحميمة على أنه رجل وهي تهينه ؟ مؤكدًا أن ضرب المرأة لزوجها يصغر من الرجل أمام نفسه أولا ثم الناس في الشارع وأمام أولاده وينهدم بيته ولا يصلح لتربية الأولاد ؛ فكيف سيربي أولاده وهم يرونه يُضرب ويخاف من زوجته وكيف يحترمه الناس وهم يعرفون أنه يضرب من زوجته؟!

وذكر البدري رأي دار الإفتاء في حكم ضرب الزوجة لزوجها إذ قال الشيخ أحمد ممدوح، مدير إدارة الأبحاث الشرعية وأمين الفتوى بدار الإفتاء، إنه لا يجوز شرعًا للمرأة أن تضرب زوجها، فالشرع حض على الرفق في معالجة الأخطاء، ودعا النبي صلى الله عليه وسلم إلى الرفق في الأمر كله، فقال: “إِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ”.

و أجابت الإفتاء عن رفع صوتها عليه بأنه لا يجوز للمرأة أن ترفع صوتها على زوجها، وينبغي حل هذا المشكلة بالحكمة واللين والمعروف ، وقال البدري أن على من يلبس عمامة الأزهر الشريف أن يدرك خطورة الكلمة التي تخرج من فيه أو يكتبها على صفحات التواصل الكلمة قد تصلح بين متخاصمين وقد تفرق بين مجتمعين وقد تقتل.

هل هناك قصاص في الضرب بين الرجل وزوجته؟

يقول البدري إن سلمي قد استدل بكلام ابن تيمية في موضوع آخر بعيد عن الزوجين حيث سئل عَنْ الرَّجُلِ يَلْطِمُ الرَّجُلَ، أَوْ يُكَلِّمُهُ، أَوْ يَسُبُّهُ : هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَفْعَلَ بِهِ كَمَا فَعَلَ؟

ويجيب البدري قائلًا : وَأَمَّا ” الْقِصَاصُ فِي اللَّطْمَةِ، وَالضَّرْبَةِ ” وَنَحْوِ ذَلِكَ : فَمَذْهَبُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ أَنَّ الْقِصَاصَ ثَابِتٌ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ إسْمَاعِيلَ بْنِ سَعِيدٍ الشَّالَنْجِيِّ. وَذَهَبَ كَثِيرٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ إلَى أَنَّهُ لَا يُشْرَعُ مِنْ ذَلِكَ قِصَاصٌ ؛ لِأَنَّ الْمُسَاوَاةَ فِيهِ مُتَعَذِّرَةٌ فِي الْغَالِبِ، وَهَذَا قَوْلُ كَثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ ؛ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ …:” وكذلك له أن يسبه كما سبه ، فمن المعلوم حديث النبي صلى الله عليه وسلم أن سباب المسلم فسوق وقتاله كفر، “فإن سابه أحد أو قاتله، فليقل إني امرؤ صائم”، يقول البدري أن الكل يعرف هذا من حديث النبي صلى الله عليه وسلم

أما ما استدل بأن القران الكريم يؤكد على قضية القصاص، إذ قال تعالى ” فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ” وقال تعالى ” وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفى وأصلح فأجره على الله، يرفضه تمامًا البدري، مؤكدًا أن استدلاله بهذين الآيتين غير صحيح، قائلًا: “ألم تلحظ أيها الباحث أن الله -عز وجل- سمى أخذ الحق اعتداء في الآية الأولى وسماه سيئة في الآية الثانية ليصل بك إلى مرحلة فمن عفى وأصلح فأجره على الله “.

“الحل للمشاكل الزوجية الرجوع إلى الكتاب والسنة ومعرفة الحقوق والواجبات والاحترام المتبادل لا إلى برامج استرونج اندبندنت وومان”، يقول البدري مستشهدًا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ألا أنبئكم بنسائكم من أهل الدنيا في الجنة ؟ ‘ ، قالوا : بلى يا رسول الله ، قال :”الودود الولود العؤد التي إذا غضبت أو أغضبت قالت : يدي في يدك لا أكتحل بغمض حتى ترضى “، وذكر البدري ما ورد في روضة العقلاء جاء عن أبي الدرداء – قال لأم الدرداء إذا غضبت فرضيني وإذا غضبت رضيتك فإذا لم نكن هكذا ما أسرع ما نفترق ” قائلًا: “هكذا تحل الأمور”.


مصدر الخبر

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*