مساجد لها تاريخ.. جامع السلطان حسن فخر العمارة الإسلامية القديمة


مسجد السلطان حسن، الذى يقع فى منطقة القلعة بمصر القديمة، هو مسجد جمع بين قوة البناء وعظمة ورقة زخارفه، فهو درة وفخر العمارة الإسلامية القديمة، ويرصد مرحلة نضوج العمارة المملوكية، أنشأه السلطان الناصر حسن بن الناصر محمد بن قلاوون خلال الفترة من 757هـ/1356م إلى 764هـ/1363م خلال حقبة حكم المماليك البحرية لمصر، ومع مرور ذكرى تولى السلطان حسن، عرش مصر، في مثل هذا اليوم 18 ديسمبر من عام 1347، نستعرض تاريخ مسجد فخر العمارة الإسلامية.


كانت بداية إنشاء المسجد على قطعة أرض تعرف باسم “سوق الخيل” وفى ميدان الرميلة، وهى المنطقة التى تقع فى الوقت الحالى بميدان صلاح الدين والسيدة عائشة، وكان السلطان الناصر محمد بن قلاوون قد بنى عليها قصراً ضخماً ليسكنه أحد أمرائه المقربين، وهو الأمير المملوكى يلبغا اليحياوى، الذى كان يشغل منصب نائب السلطنة على الشام، ولكن تم هدم القصر عندما قرر السلطان حسن فى بناء الجامع سنة 1356م.


تكلف إنشاء الجامع أموالاً كثيرة، حيث خصص له السلطان حسن ميزانية ضخمة، وهذا ملاحظ من ضخامة الجامع ودقة الصناعة، التى أبهرت العالم.



يعتمد تصميم مسجد السلطان حسن الذى يبلغ مساحته 7906 أمتار مربعة، حيث يبلغ أقصى طول 150 متر، وأقصى عرض 68 متر، على التخطيط المتعامد، يتوسطه صحن مفتوح محاط بأربعة إيوانات، كل منها مغطى بقبو، أعمق هذه الإيوانات الذى يقع فى اتجاه القبلة، ويضم المحراب والمنبر، وتوجد فى وسط الصحن نافورة تعلوها قبة بنيت على ثمانية أعمدة، ويضم الصحن أربعة أبواب تفتح على أربعة مدارس، تمثل المذاهب الأربعة التى كان أكبرها المذهب الحنفى، وتضم كل مدرسة صحنا وإيوانا مفتوحا، وفى وسط الصحن نافورة، وتطل على الصحن طبقات من الحجرات بعضها فوق بعض، وتقع غرفة الدفن خلف حائط القبلة، وللمدرسة مئذنتان تقعان عند الواجهة الشرقية، ويقع المدخل الرئيسى عند الركن الغربى للواجهة الشمالية، ويظهر نمط المدرسة التأثير السلجوقى على العمارة المصرية.



وأنشئ المسجد على نظام المدارس ذات التخطيط المتعامد، وتعد كل مدرسة مسجداً صغيراً، وكل منها مخصصة لتدريس مذهب من المذاهب الإسلامية الأربعة  “الشافعى، المالكى، الحنبلى، والحنفى”، أكبر هذه المدارس الحنفية إذ تبلغ مساحتها 898 مترا، وخصص لكل مذهب شيخاً ومائة طالب، فى كل فرقة خمسة وعشرون متقدمون، وثلاثة معيدون، وحدد لكل منهم راتباً حسب وظيفته، وعين مدرساً لتفسير القرآن، ومعه ثلاثين طالباً، كما عين مدرسا للحديث النبوى، وخصص له راتبا 300 درهم.


ولضمان انتظام العمل بالمدرسة عين السلطان حسن اثنين لمراقبة الحضور والغياب، أحدهما بالليل والآخر بالنهار، وأعد مكتبة وعين لها أميناً، وألحق بالمدرسة مكتبين لتعليم الأيتام القرآن والخط، وقرر لهم الكسوة والطعام، فكان إذا أتم اليتيم القرآن حفظاً يعطى 50 درهماً، ويمنح مؤدبه مثلها ومكافأة له.


وعندما تمر من أمام مسجد السلطان حسن تجد نفسك منجذبا نحو أكبر مئذنة والتى ترتفع نحو 81 مترًا أعلى المسجد، لتكون أطول المآذن فى مصر، استمر العمل فى بناء المسجد حتى مقتل السلطان على أيدى بعض أمراء المماليك، عندما كان فى رحلة صيد سنة 762 هـ (1360 م)، وألقوا جثته فى النيل، ولم يعرف له قبر، وإلى الآن مازال المسجد علماً أثرياً يجسد عظمة فن العمارة فى ذلك العصر.


مصدر الخبر

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*