في ذكرى ميلاد الشيخ محمد البهي وزير الأوقاف الأسبق.. وقصة صد


09:46 م


الثلاثاء 03 أغسطس 2021

كتبت – آمال سامي:

تحل اليوم ذكرى ميلاد الدكتور محمد البهي، المفكر الإسلامي ووزير الأوقاف المصري الأسبق الذي ولد عام 1905م، وكانت له جهود كبيرة في التصدي للفلسفات المادية ومقاومة الاستعمار الأجنبي، يقول عنه الدكتور محمود حمدي زقزوق: “كان الأستاذ الدكتور محمد البهي، رحمه الله، يقدر الكفايات، وكان لا يجامل على حساب الحق، وكان يعطي كل ذي حق حقه، وينسى الإساءة، ويذكر للناس فضلهم وكفايتهم”، وقد تداول البعض أن البهي كان في بداياته منضمًا لمدرسة الكادر الشيوعية بالمنصورية، إلا أن ما ثبت أنه كان يحضرها ولم يكن مع أصحابها في الحركة المصرية للتحرر الوطني التي تلت مرحلة الكادر الشيوعية بالمنصورية مباشرة.

قصة خلاف “البهي” مع “برلنتي عبد الحميد” و”عبد الحكيم عامر”

يروي البهي في مذكراته أن فيلته بـ مصر الجديدة، كانت سببًا في تدهور العلاقة بينه وبين المشير عبد الحيكم عامر، إذ استأجر البهي فيلا بمصر الجديدة في يناير 1963 وكان صاحبها يطمع في أن يشتريها البهي، إذ ظن لأنه “وزير الأوقاف” يملك ما يكفي لشرائها، ولكنه صارحه بأنه لا يستطيع ذلك، فخادعه بعد أن باع الفيلا ولم يعطه عنوان مالكتها الجديدة حتى يستطيع إرسال الإيجار إليها وتتمكن بذلك من طرده من الفيلا، لكن كان قانون الإسكان الذي صدر عام 1965 حال دون طرده منها.

لم يكن الشيخ البهي يعرف طوال تلك الفترة أن المالكة الجديدة هي “برلنتي عبد الحميد” زوجة المشير عبد الحكيم عامر، إذ اشترتها باسم والدتها، وحاول شقيق عبد الحكيم عامر أن يخليه من الفيلا ولم يكن يعرف أنه أخاه، فبعدما عرف قرر أن يكتب للمشير عبد الحكيم عامر يروي له قصة الفيلا وطلب أخوه إخلاءها لعله يتدخل ويمنعه “لأنني لم أتصور إطلاقًا بعد أن صدر قانون المساكن الذي يمنع الإخلاء منعًا صريحًا، أن يجرؤ إنسان ما ويطلب من ساكن أن يخلي مسكنه ليسكنه هو بعده..”، وبالفعل استدعاه عبد الحكيم عامر وحاول أن يورطه في قضية محاكمة الإخوان المسلمين، وحاول أيضًا أن يعرض عليه ان يخلي الفيلا في اللقاء التالي مع مدير مكتبه مقابل مال عوضًا عنها وفيلا أخرى غيرها بالقاهرة، فلما رفض هدده بإخلائها بالقوة.

حاول البهي بعد ذلك الاتصال بجمال عبد الناصر فالتقى بشعراوي جمعة ليحمل رسالة شفوية منه لعبد الناصر طالبًا منه أن يتدخل لحل الأمر وأنه مستعد لترك الفيلا لا للإقامة في مكان آخر ولكن للهجرة إلى السعودية أو المغرب، وبالفعل يتدخل عبد الناصر فيخبره شعراوي جمعة أن وزارة الداخلية اتخذت جميع الاحتياطات لمنع أي اعتداء يقع من مخلوق ما عليه أو على أفراد أسرته وعين حراسة على الفيلا.

نشأته وحياته

ولد البهي في قرية اسمانية التابعة لمركز شبراخيت بمحافظة البحيرة، وأتم حفظ القرآن الكريم في سن العاشرة في كتاب القرية، وتعلم تجويده في دسوق إلى أن اتمه في الحادية عشر، وبعدها وفي عام 1917م ألتحق محمد البهي بمعهد دسوق الديني، الذي استمر يدرس فيه ثلاثة أعوام حتى وقع إضراب عام استمر عامين احتجاجا على احتلال الانجليز في مصر، وبعدها أصبح المعهد تابعًا لمعهد الإسكندرية، فأكمل فيه تعليمه الابتدائي والثانوي، لينتقل إلى الدراسة في الأزهر الشريف ويتقدم بعدها لامتحان الدرجة العالمية النظامية في جميع المواد في القسم العالي، وكان الامتحان يستغرق وقتها تسعة عشر يومًا في التحريري والشفوي، وعلى الرغم من أن عدد المتقدمين لهذا الامتحان بلغ أربعمائة طالب، لم ينجح سوى أربعة فقط كان هو أولهم.

تخصص البهي بعد ذلك في البلاغة والأدب، واتم الدراسة فيه بعد ثلاث سنوات وحصل على الترتيب الثاني في درجة التخصص عام 1931 وعمره لم يتجاوز الـ 25 عامًا، وكان موضوع رسالته للتخصص :”أثر الفكر الإغريقي في الأدب العربي..نثرًا ونظمًا”، وبعدها أرسل إلى ألمانيا لدراسة الفلسفة مباشرة، واستطاع أن يجيد الألمانية في ثمانية أشهر فقط، نطقًا وكتابة، وكذلك تعلم اللغة الإنجليزية واللاتينية واليونانية القديمة لدراسته في جامعة هامبورج، وفي عام 1936م حصل على الدكتوراه بدرجة ممتاز في الفلسفة وعلم النفس والدراسات الإسلامية ليعود بعدها بعامين إلى القاهرة مدرسًا للفلسفة وعلم النفس في كلية أصول الدين وكلية اللغة العربية.

وتدرج البهي في الوظائف الأكاديمية ليصبح في عام 1950 أستاذًا لتدريس الفلسفة في كلية اللغة العربية ثم رئيسًا لقسم الدراسات الفلسفية بها، وكان إلى جانب ذلك يراقب البحوث والثقافة الإسلامية بالأزهر، ويتولى مناصب إدارية وثقافية أدت لانقطاعه عن تدريس الفلسفة للتفرغ لوزارة الأوقاف وشئون الأزهر التي تولاها عام 1962 حتى خرج منها بعدها بعامين، ليستقيل تمامًا من أعمال الوظيفة ويتفرغ لتدريس الفلسفة الإسلامية بكلية الآداب بجامعة القاهرة حتى أحيل للمعاش عام 1965م ليتفرغ للتأليف والكتابة.

أصبح البهي عضوًا في مجمع البحوث الإسلامية منذ عام 1962 وشارك في العديد من المؤتمرات الثقافية والإسلامية في مصر والعالم بشكل عام، فشارك في الندوة الإسلامية العالمية بـجامعة برنستون ومكتبة الكونجرس الأمريكي عام 1953، وفي الندوة الإسلامية العالمية بلاهور بباكستان عام 1958 وزار الملايو وأندونيسيا والفلبين، وشارك في جميع مؤتمرات علماء المسلمين التي انعقدت في المغرب والجزائر وقطر وغيرها.

أبرز مؤلفاته

1. الدين والدولة من توجيه القرآن الكريم

2. الإسلام في الواقع الأيديولوجي المعاصر

3. طبقية المجتمع الأوروبي وانعكاس آثارها على المجتمع الإسلامي المعاصر

4. تهافت الفكر المادي التاريخي

5. من مفاهيم القرآن في العقيدة والشريعة

6. المجتمع الحضاري وتحدياته من توجيه القرآن الكريم

7. حياتي في رحاب الأزهر: طالبا وأستاذا ووزيرا، سيرته الذاتية وقد كتبها قبل وفاته بعامين ولم تنشر إلا بعد وفاته

توفي البهي في العاشر من سبتمبر عام 1982م عن عمر يناهز 77 عامًا ومنح بعدها وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى، وتبرعت أسرته بمكتبته لمسجد النور بالعباسية.


مصدر الخبر

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*