تصفح الإنترنت بحكمة لحماية صحتك العقلية والنفسية

وسائل التواصل الاجتماعي يمكن توظيفها لتعزيز العلاقات في الحياة الواقعية

كمبردج (ولاية ماساتشوستس الأميركية): مورين سلامون

رغم قدرة شبكات التواصل الاجتماعي على تسهيل الاتصالات في العالم الحقيقي، فقد يكون لها جانب مظلم أيضا.

توفر منصات وسائل التواصل الاجتماعي وسيلة للتواصل مع الآخرين – من الأصدقاء المفقودين منذ زمن طويل، وأفراد الأسرة المشغولين، والجيران. إذن، لماذا تشعر أحيانا بالضيق بعد قضاء وقت على الإنترنت؟

قد لا تكون وسائل التواصل الاجتماعي هي المشكلة. قد تكون المشكلة هي كيفية استخدامك لها، بحسب جاكلين سبيرلينغ، المديرة المشاركة لـ«برنامج ماكلين للتغلب على القلق» وأستاذة علم النفس بكلية الطب بجامعة هارفارد.

– آثار سلبية على المزاج

وجدت الأبحاث ارتباطا بين وسائل التواصل الاجتماعي والآثار السلبية على الصحة العقلية لدى الفتيان والفتيات في مرحلة الصبا، بحسب سبيرلنغ. ورغم وجود عدد أقل من الأبحاث على البالغين، فإن بعضها يُظهر ارتباطا مماثلا.

وكشفت دراسة أجريت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021 ونشرتها على الإنترنت مجلة «JAMA Network Open»، عن وجود صلة بين استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وأعراض الاكتئاب لدى البالغين. ونظر الباحثون في بيانات مسح الإنترنت التي جرى جمعها بين مايو (أيار) 2020 ومايو 2021 من بين أكثر من 5300 بالغ (متوسط العمر حوالي 56 سنة)، حيث قام المشاركون بملء استبيانين على الأقل. لم يذكر أي من الأشخاص الذين شملتهم الدراسة أعراض الاكتئاب في المسح الأول، لكن أولئك الذين استخدموا وسائل التواصل الاجتماعي كانوا أكثر عرضة للإبلاغ عن زيادة في أعراض الاكتئاب في الاستطلاعات اللاحقة مقارنة بأولئك الذين لم يفعلوا ذلك.

وأفادت سبيرلينغ بأنه «رغم أن البحث وجد ارتباطا وليس أسبابا، فمن المحتمل أن يكون بعض أنواع استخدام وسائل التواصل الاجتماعي مرتبطة بآثار سلبية على الحالة المزاجية للمرء عبر مجموعة واسعة من فترات الحياة».

– جانب مشرق

رغم أن وسائل التواصل الاجتماعي قد تؤثر سلبا على مزاجك، فإنها ليست كذلك في كل الأحوال. هناك أدلة على أن التفاعلات الاجتماعية عبر الإنترنت لها فوائد للمزاج لبعض المستخدمين. والسؤال هو: لماذا تكون وسائل التواصل الاجتماعي ضارة في بعض الحالات دون غيرها؟

تقول سبيرلينغ إن الاختلاف قد يتعلق بما إذا كنت تشارك في فعاليات نشطة وذاتية التوجه، أو في فعاليات أخرى قد تكون سلبية وغير فعالة.

وتضيف سبيرلينغ أن الفعاليات النشطة ذات التوجه الذاتي، مثل إرسال رسالة مباشرة إلى صديق أو تحديث صورة الملف الشخصي، تقلل احتمالية تدهور الحالة المزاجية. لكن قد يكون العكس صحيحا بالنسبة للممارسات السلبية أو غير الفعالة، مثل البحث في منشورات وسائل التواصل الاجتماعي. وهذا النوع من التصفح يخلق فرصا للمقارنة الاجتماعية، بحسب الباحثة. هل حصلت صور شخص آخر على المزيد من الإعجابات؟ هل اجتذبت منشوراتهم المزيد من التعليقات الإيجابية؟ لماذا يخوضون مغامرات السفر المثيرة فيما تجد أنت نفسك حبيسا في المنزل؟

– نصائح لتخفيف الانزعاج

إذا شعرت بالضيق بعد استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، فهناك أشياء يمكنك القيام بها لتحسين تجربتك دون التخلي عنها تماما، بحسب سبيرلينغ.

– تتبع مشاعرك: أولا، حدد كيف يجعلك استخدام وسائل التواصل الاجتماعي تشعر. قيم حالتك العاطفية على مقياس من صفر إلى 10 قبل وبعد استخدام وسائل التواصل الاجتماعي. (يشير الرقم 10 إلى المشاعر الأكثر حدة، على سبيل المثال، سعيد للغاية، أو قلق، أو حزين.) لاحظ أيضا ما إذا كنت منخرطا في استخدام سلبي أو نشط أثناء الجلسة.

– إذا وجدت أن وقتك على الإنترنت جعلك تشعر بالضيق أو الغضب أو القلق أكثر مما كنت عليه سابقا، فقد يكون الوقت قد حان لإجراء بعض التغييرات. فيما يلي بعض الاحتمالات:

> افهم الأمور ضمن إطارها. تقول سبيرلينغ إن الأشخاص عادة لا ينشرون النطاق الكامل لتجاربهم الحياتية الواقعية على وسائل التواصل الاجتماعي. إذ يمكن للأشخاص استخدام المرشحات (Filters) على الصور لجعل أنفسهم يبدون أكثر جاذبية مما هم عليه في الحياة الواقعية، وقد يقومون بتعديل صورهم عبر الإنترنت بعناية.

عندما تجد نفسك تشعر بالغيرة، تذكر أنه من المحتمل أن يكون هناك الكثير الذي لا تراه. رغم أن امرأة ما قد تنشر صورا لرحلتها الأخيرة، فإنك لن ترى الشجار الذي خاضته مع شريكها في المطار، أو العلاقة المتوترة التي تربطها بابنتها التي كانت تزورها. يمكن أن يساعد تذكير نفسك بهذا في الحد من الرغبة في مقارنة نفسك بالآخرين.

– تصفح انتقائي ونشط

> كن انتقائيا في اختيار المحتوى: ضع في اعتبارك أن تكون أكثر انتقائية بشأن ما تقرأه عند التصفح. على سبيل المثال، هل لديك صديق تجعلك منشوراته تشعر بالغيرة أو الغضب باستمرار؟ بدلا من الاستمرار في الاطلاع على المحتوى الذي يزعجك، استخدم خيار «إلغاء المتابعة» أو «كتم الصوت» المتاح على بعض منصات الوسائط الاجتماعية، مثل «فيسبوك»، و«تويتر»، «وإنستغرام». من شأن هذا أن يسمح لك بالاحتفاظ بالأصدقاء، لكن لا يتعين عليك مشاهدة منشوراتهم الخاصة، إلا إذا تعمدت مشاهدتها. تقول سبيرلينغ إن إبعاد عدد قليل من الأشخاص الذين تحتوي منشوراتهم على إشكالات، عن الأنظار، يجعل التجربة أكثر صحة في بعض الأحيان.

> نشط تجربتك: بدلا من التصفح السلبي، استخدم وسائل التواصل الاجتماعي لتعزيز علاقاتك في الحياة الواقعية. أرسل رسائل مباشرة إلى الأصدقاء أو أفراد الأسرة للبقاء على اتصال. استخدم أيضا وسائل التواصل الاجتماعي لتحديد فرص التواصل الاجتماعي في الحياة الواقعية. على سبيل المثال، إذا رأيت منشورا عن حدث قادم من مطعم تتابعه، فقم بدعوة صديق للحضور، بحسب سبيرلينغ.

> اختر معركتك. تصبح وسائل التواصل الاجتماعي أحيانا منتدى لتجزئة الموضوعات المثيرة للجدل، ويمكن أن تتفاقم المشاعر بسرعة. تقول سبيرلينغ: «فكر في إجراء هذه المحادثات شخصيا بدلا من الإنترنت»، إذ تميل التوترات إلى التصعيد بسرعة أكبر عندما يتواصل الناس إلكترونيا. قد يقول الأشخاص أشياء أثناء استخدام لوحة المفاتيح لن يقولوها أبدا أثناء التفاعل وجها لوجه.

إذا لم يكن الشخص الذي تتعامل معه على صلة وثيقة بك، ففكر فيما إذا كان الأمر يستحق مناقشة موضوع مثير للجدل أو عاطفي على الإطلاق. في بعض الأحيان يكون من الأفضل الابتعاد.

> حافظ على الأفق المنظور: كن مدركا لمقدار الطاقة الذي تخصصه لوسائل التواصل الاجتماعي. يقضي بعض الأشخاص وقتا طويلا في كتابة منشور «مثالي». إذا كنت من هؤلاء، ففكر في تعيين بعض الحدود أو تعديل استخدامك. على سبيل المثال، إذا كنت ترغب حقا في مشاركة صور وجبات المطعم التي تستمتع بها، فالتقط الصورة. لكن لا تنشرها قبل أن تصل إلى المنزل، لأن الوقت الذي تقضيه في نشر الصورة في المطعم والبحث عن «الإعجابات» يستغرق وقتا من المفترض أن تقضيه مع رفيقك في المطعم.

> تفحص دوافعك: إذا كانت عاداتك على الإنترنت تنتقص من علاقاتك الشخصية، فكر في الأسباب الجذرية لذلك.

«ما الذي تبحث عنه؟ هل تبحث عن التحقق عن عنصر مفقود من مكان آخر من حياتك؟ هل هناك جانب مفقود من اتصالاتك الاجتماعية الواقعية؟» تتساءل سبيرلينغ. «قد تساعدك الإجابات على هذه الأسئلة في اتخاذ خطوات لإثراء تفاعلاتك الشخصية وتقليل الاعتماد على تلك الموجودة على وسائل التواصل الاجتماعي».

– رسالة هارفارد «مراقبة صحة المرأة» – خدمات «تريبيون ميديا»





مصدر الخبر

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*