البروستاتا والمثانة | الشرق الأوسط

د. حسن محمد صندقجي

> عمري 76 سنة، ولدي تضخم البروستاتا، ويتطلب ذلك جراحة الاستئصال عبر الإحليل. ولكن لدي أيضاً ضعف في المثانة، ما يتسبب بتجمع البول فيها. ويقترح الطبيب إعطاء المثانة فرصة لاستعادة قدرات الانقباض فيها لإتمام إخراج البول، قبل إجراء عملية البروستاتا. ما تنصح؟
– هذا ملخص أسئلتك عن تفضيل الطبيب معالجة ضعف المثانة عن إخراج البول (بسبب ارتخاء العضلات فيها)، وذلك أولاً قبل إجراء عملية استئصال البروستاتا. ويقترح لذلك عملية لوضع قسطرة (فوق العانة) لإفراغ المثانة لمدة 4 – 5 أسابيع. ثم بعد عودة المثانة لحجمها وقدراتها الطبيعية وزوال تراكم البول فيها، يُجري عملية البروستاتا.
وبداية، لا توجد طريقة واحدة للتعامل العلاجي مع هذه الحالة. وبعض الأطباء قد يقترح ما وصفته من خطوات للمعالجة، وأطباء آخرون قد يتجهون أولاً إلى معالجة تضخم البروستاتا جراحيا، ثم الالتفات إلى موضوع المثانة ومعالجتها.
وهناك معطيات عدة في الحالة المرضية لدى الشخص تجعل الطبيب يتوجه إلى أي من الطريقتين. ولكن في الطريقتين، يتطلب الأمر إدراك جوانب تتعلق بتضخم البروستاتا وتداعيات ذلك على المثانة، وكيفية تقييم المثانة ومعالجتها لضمان نجاح عملية استئصال البروستاتا، لأن لعملية البروستاتا تأثيرات على التبول، وخاصة في فترة النقاهة.
البروستاتا غدة توجد أسفل المثانة. وهي عُرضة للتضخم التدريجي، إما بسبب التقدم في العمر، أو السمنة، أو مرض السكري.
والمثانة عضو عضلي مجوف، مثل الكيس، توجد في أسفل الحوض خلف عظمة العانة مباشرة. وحجمها وهي فارغة يُقارب حجم فاكهة الكمثرى. وتعمل على تخزين البول المتدفق من الكليتين.
وتنشأ لدى المرء الرغبة في إخراج البول عندما يتجمع فيها ما بين 400 إلى 500 مليلتر. وللتوضيح، فإن المثانة الطبيعية عندما تتمدد بفعل وجود كمية من البول فيها، ترسل إشارتين عصبيتين إلى النخاع الشوكي. إحداهما «حسية» تمنح الرغبة في التبول. والأخرى «حركية» تجعل عضلات المثانة تنقبض لإفراغ المثانة.
ولكن أيضاً لدى المرء قدرة على مقاومة تلك الرغبة، ما يُمكّن المثانة من استيعاب كمية من البول تفوق ذلك بكثير. وعندما تجمع المثانة كمية كبيرة من البول لفترة طويلة، يتمدد هيكلها العضلي، وتعتري أليافها العضلية تغيرات في التركيب، وتختل استجابتها العصبية. وتنشأ بالتالي اضطرابات في البُنْية والوظيفة بالمثانة. أي أن في حالات المثانة غير الطبيعية، قد يكون الخلل في الإحساس أو في قدرة الانقباض، وكل واحد منها له أسبابه المختلفة.
ولأن الإحليل (الأنبوب الذي ينقل البول من المثانة إلى خارج العضو الذكري) يمر عبر منتصف البروستاتا، فإن تضخم البروستاتا قد يتسبب بعدد من الأعراض ذات الصلة بتدفق البول. مثل: الحاجة المُتكرّرة أو المُلحّة للتبوّل، أو زيادة عدد مرات التبوّل ليلاً، أو صعوبة البدء في التبوّل، أو إخراج ضعيف للبول، أو التوقف بعد بدء التبول، أو عدم القدرة على إفراغ المثانة تماماً. وهو ما قد يتسبب بتكرار حصول التهابات ميكروبية في المثانة نتيجة لطول بقاء البول فيها، وأيضاً حصاة المثانة. إضافة إلى التسبب بمرور الوقت بتغيرات هيكلية ووظيفية في عمل المثانة.
وتجدر ملاحظة أن «كبر» حجم تضخم البروستاتا لا يُحدد بالضرورة مدى شدّة الأعراض تلك. ولذا قد يُعاني بعض المرضى من أعراض مزعجة في التبول، رغم وجود تضخم بسيط في البروستاتا لديهم. بينما قد يكون لدى آخرين تضخم شديد، ومع ذلك يُعانون من أعراض بسيطة في الجهاز البولي. أي أنها ليست بالضرورة «كنسبة وتناسب» كما يُقال.
وقد تُزعج بعض هذه الأعراض المريض جداً، لدرجة مقاومته الذهاب إلى التبول، وهنا تبدأ مشاكل المثانة نفسها. بمعنى، أن تضخم البروستاتا يبدأ في التسبب بأعراض مزعجة في عملية التبول، دون أن تكون هناك مشكلة في المثانة نفسها. ولكن مع مرور الوقت، ومع ممارسة السلوكيات الخاطئة في شأن تأخير التبول، ومع تكرار حصول الالتهابات الميكروبية في المثانة، ومع وجود أمراض مرافقة كمرض السكري وتداعياته على الأعصاب، يبدأ حصول اضطرابات في بُنية عضلة المثانة، وفي طريقة الاستجابة العصبية لعمل المثانة نفسها. وحينها يفقد الجدار العضلي للمثانة قدرة الانقباض القوي لتفريغ المثانة بالكامل. أي يمكن أن تتمدد المثانة وتضعف مع مرور الوقت إذا لم يتم تكرار تفريغها بشكل كامل كلما تجمع البول فيها وطلب الجسم ذلك.
والاحتباس المزمن للبول من مظاهر ذلك، ما قد يتطلّب معالجة بإدخال أنبوب (قسطرة) في المثانة لتصريف البول أو إجراء جراحة للتخفيف من احتباس البول.
وخلال التهيئة للعملية الجراحية، وضمن عناصر التقييم الطبي لحالات تضخم البروستاتا، يُجري الطبيب تقييم عمل المثانة عبر عدد من الاختبارات لديناميكية التبول، التي يختار منها الطبيب ما يلزم في كل حالة على حدة، ومنها:
– اختبار تدفق البول.
– اختبار كمية البول المتبقي بعد التفريغ.
– دراسة ديناميكا البول وقياس الضغط داخل المثانة لتحديد كفاءة عمل عضلات المثانة وتماسك قوتها.
– قياس كمية السوائل التي يمكن أن تحتفظ بها المثانة عند بدء في الشعور بالحاجة إلى التبول، وضغط تدفق البول.
– التخطيط الكهربائي العضلي للمثانة، لمعرفة النمط الكهربائي لقدرة الانقباض في عضلة المثانة.
وعند ملاحظة وجود ارتخاء عضلة المثانة وتمدد حجمها وتراكم البول فيها بشكل مزمن وعدم القدرة الطبيعية على إفراغها، (كل هذا نتيجة للتضخم المزمن في المثانة والسلوك الخاطئ في إخراج البول والأمراض المرافقة ذات التأثير على الأعصاب)، فإن من الضروري معالجة هذه الحالة، إما قبل أو بعد إجراء عملية استئصال البروستاتا. وثمة عدة طرق لذلك، منها ما ذكره لك الطبيب.
وتجدر ملاحظة أن المهم في حالات تضخم البروستاتا هو المتابعة مع الطبيب من البداية، أي من بدء ملاحظة وجود صعوبات في التبول، واتباع نصائحه بالنسبة لتناول الأدوية، وإجراء الفحوصات التي يشير بها، وتطبيق نصائحه في كيفية الاهتمام بعملية التبول. وعندما يصل الطبيب إلى نتيجة مفادها ضرورة إجراء العملية لاستئصال البروستاتا أو أجزاء منها، يجدر متابعته في خطوات إتمام ذلك، لمنع تطور الحالة بما يتسبب بضرر دائم في عضلة المثانة أو بضرر على عمل الكلى نفسها.

– استشاري باطنية وطب قلب للكبار
الرجاء إرسال الأسئلة إلى العنوان الإلكتروني الجديد:
[email protected]





مصدر الخبر

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*