مولدوفا: “بلد صغير بقلب كبير”

على الرغم من الهدوء الذي يسود عاصمة مولدوفا، لكن يمكنك سماع الجميع يتحدثون عن الحرب، ويناقشون آخر الأخبار من أوكرانيا، ويتبادلون التكهنات المقلقة.

منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 شباط/فبراير، عبر أكثر من 450 ألف لاجئ الحدود الأوكرانية، حيث وجد حوالي مائة ألف شخص منهم مأوى مؤقتا في مولدوفا التي يبلغ عدد سكانها أربعة ملايين نسمة.

زارت أخبار الأمم المتحدة مولدوفا قبيل زيارة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى البلاد، يوم الاثنين، الموافق 9 أيار/مايو.

مساعدة الوافدين

من أوديسا، تعيش ناتاليا وابنتها البالغة من العمر عاما واحدا حاليا في مجمع المعارض MoldExpo، الذي تحول إلى مركز للاجئين.

تقول الأم البالغة من العمر 34 عاما:

“عُرض عليّ الذهاب إلى فرنسا. لكنني لا أريد الذهاب إلى هذا الحد. آمل أن ينتهي كل شيء من ثم سأتمكن من العودة إلى الوطن “.

تعمل سفيتلانا، مترجمة مع الأمم المتحدة ومنظمات أخرى، وهي تساعد اللاجئين على التواصل مع السكان المحليين.

“بدأ سكان مولدوفا في جمع الأموال على الفور وقاموا فعليا بتعبئة مركز المعارض بممتلكات مختلفة، واستمروا في جلب الأشياء. انتقلت صديقتي المحامية، مؤقتا إلى القرب من الحدود لتقديم المشورة القانونية للوافدين الجدد. وقد فعل الكثير من الناس مثلها “.

UN News

ناتاليا موظفة في مركز الأمم المتحدة للمساعدة المادية للاجئين الأوكرانيين في مجمع المعارض في مولدوفا.

مساحة مرنة

يضم مجمع المعارض- الذي كان يستخدم حتى وقت قريب كمستشفى لعلاج حالات الإصابة بكـوفيد-19، حاليا 360 لاجئا، وخلال الأيام الأولى استوعب ما يصل إلى 1200 شخص بين عشية وضحاها.

تم تحويل مركز المعارض إلى مركز عبور يحصل فيه الناس المنهكون من الرحلة الخطيرة وجنون الحرب على مكان يستريحون فيه ووجبة ساخنة، ونصائح قانونية، والأهم من ذلك، على التعاطف الإنساني.

يوفر المعرض للمقيمين القليل من الراحة لكي يتمكنوا من تحديد وجهتهم القادمة.

لم تترك لهم الحرب فرصة

هناك دائما طوابير طويلة في السفارة الأوكرانية في مولدوفا. يعمل الموظفون فوق طاقتهم، مما يجعل من الصعب على أولئك الذين فروا بسرعة استبدال أي مستندات قد فقدوها أو تركوها في بلدهم.

ردا على تحياتنا، قالت إحدى النسوة: “نحن غجر من نهر الدنيبر. لدي ابنة في ألمانيا، لكن لا يمكننا الانضمام إليها هناك لأننا لا نملك بطاقات الهوية، ويستغرق الأمر وقتا لاستبدالها“.

تعيش حاليا مع شقيقاتها وبناتها في حجرة صغيرة في مجمع المعارض على أمل الوصول إلى ألمانيا.

مساحات متخصصة

في مجمع المعارض، يعمل موظفو الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني والمتطوعون على مدار الساعة.

نظمت الأمم المتحدة ما يسمى بـ “النقاط الزرقاء” للعائلات التي لديها أطفال ويوفر صندوق الأمم المتحدة للسكان “مساحة برتقالية آمنة” للاحتياجات المحددة للفتيات والنساء.

ويحتاج بعض الأشخاص إلى أدوية وأشكال أخرى من المساعدة الطبية.

يتم في المساحة الآمنة إرشاد اللاجئين حول كيفية تجنب الشباك التي ينصبها المتاجرون بالبشر بمهارة.


مساحة آمنة داخل مجمع المعارض في مولدوفا وفرها صندوق الأمم المتحدة للسكان.

UN News

مساحة آمنة داخل مجمع المعارض في مولدوفا وفرها صندوق الأمم المتحدة للسكان.

لقاءات مليئة بالدموع

تقول الشابة ناتاليا إنه من الصعب عليها التحكم في مشاعرها عند النظر إلى الأشخاص الذين فقدوا كل شيء في لحظة.

أضافت، وهي تروي قصة أستاذة جامعية سابقة في خاركيف تبلغ من العمر 75 عاما: “لقد أصابتني هذه الحالة بالارتعاش لمدة يومين أو ثلاثة أيام“.

يعمل ابن الأستاذة في الجيش، وابنتها وزوجة ابنها طبيبتان، وصهرها ضابط شرطة.

وفقا لواجبهم، لا يمكن لأي منهم مغادرة أوكرانيا، لذلك كان على المرأة المسنة إحضار أحفادها الخمسة – الذين تتراوح أعمارهم بين 4 و14 عاما – إلى بر الأمان بمفردها. تضيف ناتاليا قائلة:

“لم تستطع التوقف عن البكاء. لقد ظلت تتصل بهم على مدار يومين، ولكن جميع الهواتف كانت مغلقة؛ إنها خائفة من حدوث شيء لهم، حيث تتعرض خاركيف للقصف طوال الوقت. كان جميع من في مركزنا يواسونها، وحاولنا بدورنا أن نتصل بهم باستخدام هواتفنا الخاصة وأن نشغل الأطفال بالحلوى “.

لحسن الحظ، اتضح بعد بضعة أيام أن الأربعة كانوا على قيد الحياة، ولكن لم تكن هناك خدمة هاتف.

المساعدة النقدية

نظرا لأن عشرات الآلاف من الأشخاص يتلقون مساعدات اقتصادية من وكالات الأمم المتحدة، فإن مجمع المعارض يستضيف أيضا مركزا للمساعدات المالية.

قالت ناتاليا، التي تعمل في مركز الأمم المتحدة للمساعدة المادية: “يشعر الناس بالحرج من قبول الأموال، لكنهم، ببساطة، مجبرون على فعل ذلك.”

“كثيرا ما نسمع عبارة: لا تأخذوا فكرة خاطئة عنا، لدينا كل شيء في (أوكرانيا)، لا نريد شيئا. يعرض الكثير منهم العمل كمتطوعين ويسألون عن الطريقو التي يمكنهم بها المساعدة.”

فتح البيوت والقلوب

يتم تقديم حزمة مالية تبلغ قيمتها الإجمالية حوالي 190 دولارا للعائلات التي تستقبل لاجئين لمدة أسبوع على الأقل. لكن هل يتعلق الأمر حقا بالمال؟

تعمل مارغريتا يفغنيفنا، البالغة من العمر 73 عاما، كمعلمة في مدرسة ابتدائية في مولدوفا، وهي لا تخطط حاليا للتقاعد. تتقاسم شقتها الصغيرة المكونة من غرفتين مع اللاجئين.

“يمكث الأشخاص الثلاثة من أوديسا في غرفة وأنا في الغرفة الأخرى. سيعيشون في منزلي حتى تنتهي الحرب. لدي أيضا ثلاثة أطفال من أوكرانيا يدرسون في مدرستي.”


مخيم للاجئين على حدود مولدوفا مع أوكرانيا.

UN News

مخيم للاجئين على حدود مولدوفا مع أوكرانيا.

لا يزالون يعبرون الحدود

لقد انحسر تدفق اللاجئين بشكل ملحوظ الآن، لكنه لم يتوقف تماما.

على بعد حوالي ساعتين بالسيارة من كيشيناو، أقامت وكالات الأمم المتحدة والحكومة المولدوفية خياما على الحدود الأوكرانية.

هناك يمكن للاجئين الراحة أو قضاء الليل، اعتمادا على جداول الحافلات التي ستنقلهم إلى المدينة أو إلى رومانيا.

قالت إيرينا، التي وصلت للتو مع ابنها من أوديسا: “لم نكن نتوقع مثل هذا الاستقبال، كنا نسافر بشكل عشوائي، إنه أمر مخيف للغاية أن نبقى. نحن ممتنون حقا لمولدوفا والأمم المتحدة.”

ترحيب دافئ

في مطار كيشيناو، على الحائط بين غرف مراقبة جوازات السفر، يمكن للمرء أن يقرأ الكلمات التالية:

“مولدوفا بلد صغير بقلب كبير.”

ويهدف الأمين العام للأمم المتحدة من خلال زيارته إلى مولدوفا إلى دعم اللاجئين وتقديم الشكر، بصورة شخصية، لشعب مولدوفا وكل من يساعد اللاجئين.


مصدر الخبر

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*