سانجيف غوبتا.. من شبهات الفساد إلى تحطيم سمعة كريدي سويس

في فبراير من العام الماضي، وفي أحد المنتجعات السويسرية الشهيرة والتي كانت تشهد عديد الأنشطة في ذلك التوقيت قبيل الإغلاق بسبب الجائحة، كان هناك تجمع لمجموعة من أكبر عملاء مصرف كريدي سويس لحضور حدث رياضي ينظم منذ أكثر من 100 عام للتزحلق على الجليد باستخدام الخيول.

وبينما كانت الخيول تتبارى فيما بينها دون فرسان على ظهورها في مناطق شديدة الخطورة من أجل الفوز بالجائزة الكبرى، كان من بين الحضور شخص أخطر مما يحدث على أرض حلبة السباق وهو قطب صناعة الحديد والصلب سانجيف غوبتا والذي سيضع سمعة البنك على المحك في الأشهر اللاحقة، بحسب تقرير لصحيفة “فايننشال تايمز”.

واليوم تقع شركة GFG Alliance التابعة لغوبتا ذو الأصول الهندية في قلب أزمة طاحنة في أعقاب انهيار أكبر مموليها Greensill Capital وسط اتهامات للشركة المملوكة لقطب صناعة الحديد بالتلاعب وخضوعها للتحقيق من قبل الجهات الرقابية البريطانية، فيما ينفي غوبتا الاتهامات جملة وتفصيلا.

علاقة مشبوهة

في مارس الماضي حينما بدأت الخيوط المتعلقة بانهيار إمبراطورية Greensill تتكشف الواحد تلو الآخر، كان اسم Credit Suisse في قلب الأزمة الطاحنة مع انكشافه على نسبة لا بأس بها من قروض الشركة المتخصصة في تمويل الشركات التي انتهت بإعلان إفلاسها وتصفيتها.

كان من المعروف حينها في أوساط مجتمع المال والأعمال البريطانية وجود انكشاف غير مباشر للمصرف السويسري العريق على ديون الشركة التابعة لقطب صناعة الصلب وحقيقة أخرى مفادها أن الشريحة الأكبر من القروض ما هي إلا ديون رديئة مشكوك في تحصيلها.

ولكن الأمر الذي لم يكن معلوما في حينه هو العلاقة الوثيقة التي تربط امبراطور صناعة الصلب بأحد أكبر المصارف في العالم، إذ كشف مجموعة من الرؤساء التنفيذيين السابقين للبنك عن المعاملة التي كان يحظى بها غوبتا والتي تخطت حضور أحد أعرق سباقات جر الخيول والتي يرعاها المصرف.

وتجاهل المصرف عدة تحذيرات من عملائه الكبار الغاضبين بشأن رجل صناعة الصلب البريطاني الذي حظي بامتيازات غير مسبوقة ووضع مصير المليارات من أموال عملاء المصرف على المحك في وقت قد يتجه العملاء نحو مقاضاة البنك بسبب تلك الخسائر.

انقضاء شهر العسل

وبعد سنوات كان فيها غوبتا الرجل المدلل لدى المصرف السويسري طمعا في عمولة مرتفعة من سلاسل الصفقات التي كان يبرمها الرجل، تقدم البنك في نهاية مارس الماضي للمطالبة بوضع أصوله تحت الوصاية من أجل استرداد نحو 1.2 مليار دولار من أموال عملائه المهدرة.

ولكن الأزمة التي تواجه البنك تتمثل في بعض قروض التمويل التي حصل عليها غوبتا من خلال Greensill جاءت باستخدام ضمانات شخصية وهو ما قد يعقد عملية استرداد تلك الأموال بالإضافة إلى خسائر العمولات التي لم يحصل البنك عليها مطلقا، بحسب ما ذكرته مصادر على اطلاع بالأمر لصحيفة “فايننشال تايمز”.

وعين المصرف السويسري جهة تحقيق خاصة للعمل على حصر أموال الرجل الذي كان يوما ما يحظى بمعاملة من نوع خاص، فبينما كان غوبتا يبني إمبراطوريته للصلب على مدار نصف قرن كان يواصل الإنفاق ببذخ على طائرة خاصة ومنزل في لندن يتجاوز ثمنه نحو 42 مليون دولار وأصول عقارية أخرى حصل بعض منها باستخدام رهون عقارية من المصرف السويسري.

تحذيرات بلا جدوى

في فبراير من العام الماضي وفي نفس الشهر الذي دعا فيه المصرف السويسري غوبتا لحضور الحدث الرياضي العريق، كانت الجهات الرقابية المالية في سويسرا تتلقى تحذيرات من نظيراتها البريطانية بشأن تلاعب محتمل في شركة غوبتا.

وفي يوليو من العام الماضي أيضا حذرت عملاق تجارة السلع Trafigura المصرف السويسري بأن أحد صناديق سلاسل التمويل لديها فاتورة مشكوك في صحتها صادرة عن الشركة المملوكة لإمبراطور صناعة الصلب في بريطانيا.

غير أن صيحات التحذير لم تلق آذانا صاغية من المصرف السويسري ما يوجه ضربة قاضية لسمعة البنك الذي يقع منذ العام 2013 في قلب سلسلة من الفضائح بدأت مع إدانة البنك في المحاكم الأميركية بالمساعدة في التهرب الضريبي ودفع غرامة 1.6 مليار دولار انتهاء بفضيحة صندوق Archegos والذي تقدر خسائر البنك فيه بنحو 4.7 مليار دولار.

وفي تلك الأثناء، يكافح غوبتا لإنقاذ إمبراطوريته بعد أن كان يوما ما يتفاخر بإنقاذه لصناعة الصلب في بريطانيا في مشهد عنوانه “منقذ صناعة الصلب البريطانية قد لا يجد من ينقذه”.


مصدر الخبر

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*