ماذا سيحدث للسيارات الكهربائية؟ الصين تتراجع وأوروبا تسابق  

ذروة الطلب على النفط أمر حتمي، لكن السؤال الصعب هو متى سيصل العالم إليها. جزء أساسي لمحاولة الإجابة عن هذا السؤال هو معرفة ماذا سيحدث لقطاع سيارات الركاب مستقبلا، القطاع الأكثر استهلاكا للنفط.

ويحتاج ذلك إلى استشراف نسب انتشار وتبني المركبات الكهربائية، خاصة في ضوء توجه العديد من حكومات العالم نحو التخفيض التدريجي لاستخدام الوقود الأحفوري لدرء مخاطر التغير المناخي وتحسين جودة الهواء داخل المدن.

فبالرغم من الضربة القوية التي تعرضت لها مبيعات السيارات عالميا العام الماضي نتيجة الجائحة، والتي خفضتها بـ 16%، إلا أن مبيعات السيارات الكهربائية ارتفعت بـ 41% مقارنة بالعام الذي سبقه، بحسب وكالة الطاقة الدولية.

واللافت تصدّر أوروبا لمبيعات السيارات الكهربائية العام الماضي، منتزعة الصدارة من الصين لأول مرة. فمن بين 3 ملايين سيارة كهربائية بيعت العام الماضي عالميا، 1.4 مليون كانت من نصيب أوروبا، و1.2 مليون كانت في الصين.

بالتالي يبلغ اليوم حجم أسطول المركبات الكهربائية على الطرقات عالميا 11 مليون مركبة. وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن ينمو هذا العدد إلى 145 مليون مركبة عام 2030 في ضوء السياسات المعلنة من قبل الحكومات للطاقة والمناخ، وهو من شأنه أن يخفض الانبعاثات بنحو الثلث بحلول ذلك العام.

نما إنفاق المستهلكين على السيارات الكهربائية عام 2020 بـ 50% إلى 120 مليار دولار، وذلك مدفوعا بدعم حكومي نما العام الماضي بـ 25% إلى 14 مليار دولار.

وهبوط كلفة السيارات الكهربائية لمستوى التعادل مع كلفة سيارات محرك الاحتراق الداخلي سيكون أمرا حاسما في استمرارية نمو مبيعاتها مستقبلا.

مستوى التعادل

وقبل عقد من الزمن كانت الكيلووات ساعة من طاقة البطارية تبلغ تكلفتها 1000 دولار، اليوم هي أقرب إلى 100 دولار، وبالتالي تتوقع شركة الأبحاث BloombergNEF أن تصل كلفة السيارة الكهربائية إلى مستوى التعادل عام 2027، في حين يتوقع بنك UBS حدوث هذا عام 2024.

وذلك في ضوء انخفاض كلفة البطاريات وإنشاء مصنعي السيارات لخطوط إنتاج مخصصة بالكامل للسيارات الكهربائية.

ولكن المهم أيضا في الأمر أن نضع الأمور في نصابها. فبالرغم من نسب النمو الكبيرة في انتشار السيارات الكهربائية إلا أنها ما زالت تشكل نحو 1% فقط من إجمالي أسطول السيارات عالميا.

كما أنه من العوامل التي قد تحد من نسب الانتشار عدم توفر البنية التحتية اللازمة للشحن الكهربائي، بالإضافة إلى التحديات المرتبطة باستدامة مناجم التعدين المطلوبة لصناعة البطاريات الموجودة في عدد صغير من دول منخفضة الدخل. هذا عدا عن معضلة تدوير البطاريات منتهية الصلاحية التي تحتوي على مواد خطرة.

أكثر الدول استخداما

عادة ما يتم الإشارة إلى النرويج كمثال على ارتفاع انتشار السيارات الكهربائية فيها، وهو أمر صحيح. فالنرويج لديها 5 ملايين نسمة، وقامت ببيع 105 آلاف سياراة كهربائية العام الماضي.

ولكن روسيا على سبيل المثال، يبلغ عدد سكانها 145 مليون نسمة، فيما باعت العام الماضي 1760 سيارة كهربائية فقط. أميركا الجنوبية، التي يبلغ عدد سكانها 420 مليوناً بيع فيها العام الماضي أقل من 18000 سيارة.

أما إفريقيا، والتي تحتضن 1.2 مليار إنسان، بيع فيها العام الماضي 1509 سيارة كهربائية. كلها في دولة جنوب إفريقيا.

بالتالي، انتشار السيارات الكهربائية سيتسارع بكل تأكيد، لأنها تبدأ من نسب أساس منخفضة جدا، وسيساعدها على زيادة نسب اختراقها انخفاض تكاليفها وتشديد القوانين البيئية.

لكن لا ننسى أن كثيرا من السيارات الكهربائية التي تباع حول العالم هي سيارات هجينة حتى تلك القابلة للتوصيل إلى الكهرباء بمعنى أنها لا تزال تحتوي أيضا على محركات احتراق داخلي.

لذا ما زال الطريق أمام السيارات الكهربائية طويلا لمزاحمة محركات الاحتراق الداخلي التي ستبقى متسيدة الطرقات لسنوات قادمة.


مصدر الخبر

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*