تواضع النبى محمد عليه الصلاة والسلام.. ما يقوله التراث الإسلامى


شغلت صفات النبى، عليه الصلاة والسلام، كل المهتمين بتتبع سيرته، ومن أهم صفاته كان تواضعه، فما الذى يقوله التراث الإسلامى فى ذلك؟


يقول كتاب “البداية والنهاية” لـ الحافظ ابن كثير تحت عنوان “ومن تواضعه عليه الصلاة والسلام”:


قال أبو عبد الله بن ماجه: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد القطان، ثنا عمرو بن محمد، ثنا أسباط بن نصر عن السدي، عن أبي سعد الأزدي – وكان قارئ الأزد – عن أبي الكنود، عن خباب في قوله تعالى: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه} إلى قوله: {فتكون من الظالمين}. [الأنعام: 52] .


قال: جاء الأقرع بن حابس التميمى، وعيينة بن حصن الفزارى، فوجدوا رسول الله ﷺ مع صهيب، وبلال، وعمار، وخباب، قاعدا في ناس من الضعفاء من المؤمنين، فلما رأوهم حول رسول الله حقروهم فأتوا، فخلوا به.


فقالوا: نريد أن يجعل لنا منك مجلسا تعرف لنا به العرب فضلنا، فإن وفود العرب تأتيك فنستحى أن ترانا العرب مع هذه الأعبد، فإذا نحن جئناك فأقمهم عنك، فإذا نحن فرغنا فاقعد معهم إن شئت.


قال: ” نعم”.


قالوا: فاكتب لنا عليك كتابا.


قال: فدعا بصحيفة ودعا عليا ليكتب، ونحن قعود في ناحية، فنزل جبريل عليه السلام فقال: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم فتكون من الظالمين }. [الأنعام: 52] .


ثم ذكر الأقرع بن حابس وعيينة بن حصن فقال: { وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا: أهؤلاء من الله عليهم من بيننا أليس الله بأعلم بالشاكرين. [الأنعام: 53] .


ثم قال: “وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة”. [الأنعام: 54] .


قال: فدنونا منه حتى وضعنا ركبنا على ركبته، فكان رسول الله ﷺ يجلس معنا فإذا أراد أن يقوم قام وتركنا فأنزل الله عز وجل: {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم} ولا تجالس الأشراف، ولا تطع من أغفلنا قبله عن ذكرنا – يعني: عيينة والأقرع – {واتبع هواه وكان أمره فرطا} قال: هلاكا [الكهف: 28] .


قال: أمر عيينة والأقرع، ثم ضرب لهم مثل الرجلين، ومثل الحياة الدنيا.


قال خباب: فكنا نقعد مع رسول الله ﷺ فإذا بلغنا الساعة التي يقوم قمنا، وتركناه حتى يقوم.


ثم قال ابن ماجه: حدثنا يحيى بن حكيم، ثنا أبو داود، ثنا قيس بن الربيع عن المقدام بن شريح، عن أبيه، عن سعد قال: نزلت هذه الآية فينا ستة: في، وفي ابن مسعود، وصهيب، وعمار، والمقداد، وبلال.


قال: قالت قريش: يا رسول الله إنا لا نرضى أن نكون أتباعا لهم، فاطردهم عنك.


قال: فدخل قلب رسول الله ﷺ من ذلك ما شاء الله أن يدخل، فأنزل الله عز وجل: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه} [الآية:65]


 


وقال الحافظ البيهقي: أنا أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصفهاني، أنا أبو سعيد ابن الأعرابي، ثنا أبو الحسن خلف بن محمد الواسطي الدوسي، ثنا يزيد بن هارون، ثنا جعفر بن سليمان الضبعي، ثنا المعلى بن زياد – يعني: عن العلاء بن بشير المازني -، عن أبي الصديق الناجي، عن أبي سعيد الخدري قال: كنت في عصابة من المهاجرين جالسا معهم، وإن بعضهم ليستتر ببعض من العري، وقارئ لنا يقرأ علينا، فكنا نستمع إلى كتاب الله.


 


فقال رسول الله: “الحمد لله الذي جعل من أمتي من أمرت أن أصبر معهم نفسي”.


قال: ثم جلس رسول الله ﷺ وسطنا ليعدل نفسه فينا، ثم قال بيده هكذا فاستدارت الحلقة وبرزت وجوههم، قال: فما عرف رسول الله أحدا منهم غيري.


فقال رسول الله: « أبشروا معاشر صعاليك المهاجرين بالنور التام يوم القيامة، تدخلون الجنة قبل الأغنياء بنصف يوم، وذلك خمسمائة عام ».


وقد روى الإمام أحمد، وأبو داود، والترمذي من حديث حماد بن سلمة: عن حميد، عن أنس قال: لم يكن شخص أحب إليهم من رسول الله ﷺ.


قال: وكانوا إذا رأوه لم يقوموا لما يعلمون من كراهيته لذلك.


مصدر الخبر

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*