قصص الأنبياء (24) سليمان -عليه السلام- وقصته مع الهدهد الفصي


06:29 م


الأحد 17 مايو 2020

كتب- إيهاب زكريا:

في حلقات يومية، وخلال شهر رمضان المبارك، يقدم مصراوي للقارئ الكريم قصص الأنبياء، استنادا لمصادر معتبرة في السيرة والتاريخ الإسلامي، وفي الحلقة الرابعة والعشرين يقدم “مصراوي” قصة سليمان -عليه السلام- فورد في: “كتاب” الكامل لابن الأثير: أعطى الله سبحانه وتعالى لسيدنا سليمان عليه السلام مزايا فريدة، وصفات لم توجد في غيره من الأنبياء والرُّسل؛ حيث كان يتولّى الحكم، وقد فهَّمه الله لغة الطير، قال تعالى: (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ ۖ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ ۖ إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ)،[ النمل:16] وكان قادراً على التحكّم بالكثير من المخلوقات والكائنات كالإنس والجن والرياح والنحاس الذي يَلين بين يديه، قال تعالى: (وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ ۖ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ ۖ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ ۖ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ* يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ ۚ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا ۚ وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ)،[ سبأ: 12-13].

يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ

جاء في كتاب: ” التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج”: كان سليمان يسير بجيشه من الجن والإنس، فسمع صوت نملة تنصح زميلاتها بالابتعاد عن طريق جند سليمان خوفاً من أن يحطمهنَّ الجيش دون أن يرونهنّ، قال تعالى: (حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ)،[ النمل: 18] فتبسَّم نبي الله سليمان عليه السلام من قول تلك النملة، وسعادةً بما آتاه الله من فهم كلام الحيوانات والطيور والدواب، ثم رفع يديه إلى السماء داعياً ربه شاكراً له على هذه النعمة.

تحدث كتاب: ” معاني القرآن وإعرابه”: عم جاء في الآية الكريمة: (فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ)؛[ النمل: 19] لأنَّ ضحِكَ الأنبياءِ يكون غالباً تبسُّماً.

الهدهد الفصيح وسيدنا سليمان عليه السلام

قال “موقع دار الإفتاء المصرية”: أعطى الله تعالى لسليمان عليه السلام النبوة والملك، وعلمه منطق الطير، وجمع له جنودًا من الجن والإنس والطير، وكان سليمان إذا غدا إلى مجلسه الذي كان يجلس فيه تفقد الطير، فنظر يومًا فرأى من أصناف الطير ما حضر، إلا الهدهد، فقال: ما لي لا أرى الهدهد أخطأه بصري بين الطير، أم غاب فلم يحضر؟ ولما تحقق له غيابه دون استئذان توعده بالعذاب أو الذبح إلا أن يأتي بحجة قوية مبينة لعذره.

فلما عاد الهدهد قال لسليمان عليه السلام: اطلعت على ما لم تطلع عليه أنت ولا جنودك، وجئتك من سبأ بخبر لا ريب فيه، إني وجدت امرأة عظيمة العقل والجاه تملك قومها وقد أعطاها الله والعزة والجاه، ووجدت هذه الملكة وقومها يسجدون للشمس عابدين لها، قال سيدنا سليمان ردًّا على الهدهد: سنتحرى ونعرف أصدقت فما قلت، أم أنك كنت من جملة أهل الكذب؟ توجَّهْ إليهم بكتابي هذا فألقه إليهم، ثم تنحَّ عنهم إلى مكان تختفي فيه عن أبصارهم وتسمع كلامهم، ثم انظر وتعرَّف ما يجيبون.

وجاء في كتاب: “في صحبة الهدهد”، وصيد الفوائد: كان سليمان عليه السلام يتفقّد جنده باستمرار، وعندما لاحظ غياب الهدهد دون علمه وإذنه أقسم على تعذيبه إن لم يأته بعذرٍ عن تغيبه، وقد كان ما أخَّره عن مجلس سليمان أنّه شاهد خلال طيرانه قوماً يعبدون الشمس، فتقصَّى أخبارهم.

قال تعالى وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ(20) لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ(21) فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (22) إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ(23) وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ(24) أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ(25) اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ۩(26)۞ قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ(27) اذْهَب بِّكِتَابِي هَٰذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ(28) قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ(29) إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ(30) أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ(31)”، (النمل).

ثم بادر إلى سيدنا سليمان ليعلِمه بما سمع ورأى من قوم سبأ، حين أخبر الهدهد سيدنا سليمان بأمر قوم سبأ وصفه له وصفاً دقيقاً، ونقله له بوضوحٍ تام، بعد تيقُّنٍ من المعلومة واطِّلاعٍ على تفاصيلها؛ حيث ساءه ما رأى في هؤلاء القوم من عبادة غير الله، فما زال يراقبهم ويتتبّع أخبارهم حتى أدرك جميع ما يكتنف القوم، وماذا يعبدون، ثم اقترح على سيدنا سليمان الحلَّ بأسلوبٍ لبقٍ مهذب.


مصدر الخبر

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*