سؤال ملحّ لساوثغيت: هل المنتخب الإنجليزي في حاجة إلى ألكسندر أرنولد؟

سؤال ملحّ لساوثغيت: هل المنتخب الإنجليزي في حاجة إلى ألكسندر أرنولد؟

الخلل الذي حدث في الطريقة التي يلعب بها ليفربول حوَّل نقطة القوة في أداء المدافع إلى ضعف


السبت – 19 شهر رمضان 1442 هـ – 01 مايو 2021 مـ رقم العدد [
15495]

لندن: جوناثان ويلسون

ينتقد الكثيرون المدير الفني للمنتخب الإنجليزي غاريث ساوثغيت، مشيرين إلى أنه يلعب بتحفظ دفاعي كبير ولا يستغل المواهب الكثيرة الموجودة الآن في كرة القدم الإنجليزية ويطالبونه بأن يدفع بكل العناصر الهجومية المميزة في تشكيلة الفريق! وفي نفس الوقت، هناك حالة من الجدل الشديد بشأن استبعاد ساوثغيت للظهير الأيمن لليفربول ترينت ألكسندر أرنولد، من قائمة المنتخب الإنجليزي، وهناك إشارات مبكرة إلى أن هذه القضية قد تتحول إلى ملحمة مستمرة ومماثلة لحالات الجدل التي سيطرت على كرة القدم الإنجليزية لوقت طويل، مثل السؤال المحير عن مدى إمكانية الاعتماد على كلٍّ من فرانك لامبارد وستيفين جيرارد معاً في خط وسط المنتخب الإنجليزي، ومثل مشكلة الظهير الأيسر التي ظلت تؤرق كرة القدم الإنجليزية لوقت طويل.
وفي الوقت الذي أشار فيه المدير الفني لليفربول يورغن كلوب، إلى أن المنتخب الإنجليزي يضم الكثير من اللاعبين المميزين في مركز الظهير الأيمن، فإن النقاش بشأن استبعاد ألكسندر أرنولد من قائمة المنتخب الإنجليزي لم يتوقف للحظة للدرجة التي جعلت البعض يشعر بأن هذا هو الوقت المناسب تماماً لإعادة فتح المقاهي –التي كانت مغلقة بسبب تفشي فيروس «كورونا»- حتى يتمكن الجميع من مناقشة وإثارة هذه القضية المثيرة للجدل! إن أي شيء يقوم به ألكسندر أرنولد الآن داخل الملعب يتم تقييمه بناءً على ما إذا كان يستحق الانضمام لمنتخب بلاده أم لا!
فعندما ارتكب ألكسندر أرنولد الخطأ الذي أدى إلى إحراز نجم ريال مدريد ماركو أسينسيو، هدفاً في مرمى ليفربول، قال الجميع إن ساوثغيت كان محقاً تماماً في استبعاده للظهير الأيمن لليفربول. وعندما سجل اللاعب هدف الفوز لليفربول في مرمى أستون فيلا في الدقيقة الأخيرة من المباراة، تساءل الجميع: كيف يفكر ساوثغيت؟ ولماذا يكره اللاعبين الموهوبين الذين يجيدون تسجيل الأهداف؟ ويمكنك أن تسمع كل شيء في النقاشات الدائرة بشأن ألكسندر أرنولد، فهناك مَن يقول إنه يتعين عليه أن ينتقل للعب في خط الوسط، وهناك من يقول إنه يتعين عليه أن يحني ركبتيه أكثر في أثناء الركض! دعونا نتفق على أن بعض النصائح قد تكون مفيدة، لكن النقاش الدائر الآن لا يتعلق بما يقدمه ألكسندر أرنولد داخل الملعب على الإطلاق.
لقد أشار المدير الفني الأوكراني الشهير فاليري لوبانوفسكي، إلى أنه يجب ألا يُنظر إلى فريق كرة القدم على أنه 11 وحدة منفصلة، لكن يجب أن يُنظر إليه على أنه نظام واحد من 11 جزءاً مترابطاً للغاية. ويجب أن نعرف أنه لا شيء مطلق في عالم كرة القدم وأن اللاعبين هم بشر في نهاية المطاف، ولديهم مشاعرهم الخاصة ويمرّون بتقلبات مزاجية ويتصاعد مستواهم ويهبط بين الحين والآخر، سواء من الناحية الفنية أو البدنية. كما أن طريقة اللعب التي يعتمد عليها الفريق تؤثر على كل لاعب بدوره.
لكن يجب أن نشير إلى أن هذه العلاقة بين الفرد والعمل الجماعي للفريق هي علاقة معُقدة وحساسة للغاية، وهذا هو السبب في أن كثيراً من اللاعبين يفشلون عند انتقالهم لأندية أخرى، بغضّ النظر عن مدى جودة هذا اللاعب أو الفريق الذي ينضم إليه، وحتى التعديلات الطفيفة التي تحدث على طريقة اللعب قد تكون لها تداعيات وعواقب وخيمة لا يمكن التنبؤ بها. وتبرز هذه المشكلة على نحو خاص في كرة القدم الدولية، حيث لا يكون أمام اللاعبين الوقت الكافي للتأقلم مع طريقة اللعب الجديدة.
وغالباً ما يكون الجدل بشأن اختيارات قائمة أي منتخب خاطئاً وغير منطقي، حيث ينصبّ تركيز الجميع على اللاعبين الذين يتم استبعادهم من القائمة، ويبدأ مشجعو فريق معين أو المدافعون عن لاعب معين في الحديث عن مميزاته وعن مدى استحقاقه للانضمام للقائمة، كما لو كانت المباريات الدولية عبارة عن جائزة للاعبين، بدلاً من السؤال عن أفضل طريقة ممكنة لتكوين منتخب قوي ومترابط والمحافظة عليه.
وهذا هو ما يعيدنا للحديث مرة أخرى عن ألكسندر أرنولد. إنه ظهير رائع في النواحي الهجومية، وكان من الركائز الأساسية التي ساعدت ليفربول على تحقيق نجاحات كبيرة في الآونة الأخيرة، حيث صنع 13 هدفاً في الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي، كما صنع 12 هدفاً في الموسم السابق. وعلاوة على ذلك، فإن تقدمه للأمام في الجهة اليمنى قد سمح للنجم المصري محمد صلاح بالدخول إلى عمق الملعب، وهو ما يزيد من الفاعلية الهجومية للثلاثي الأمامي ويسهم في زيادة الضغط على الفرق المنافسة من خلال خط الوسط.
قد يكون ألكسندر أرنولد بحاجة إلى تحسين بعض الأمور الفنية داخل الملعب، فهو لا يزال في الثانية والعشرين من عمره ويمكنه تعلم الكثير، لكن قد يكون من الصعب مطالبته بتحسين واجباته الدفاعية، نظراً لأن مميزاته الأساسية التي تجعله لاعباً مميزاً هي قدرته على القيام بالأدوار الهجومية بأفضل شكل ممكن، وطاقته الهائلة داخل الملعب وسرعته الفائقة، والأهم من ذلك كله قدرته على إرسال كرات عرضية متقنة للمهاجمين.
وقد كان الجزء الأول من هذا الموسم صعباً للغاية على ألكسندر أرنولد، حيث تراجع مستواه بشكل ملحوظ. لكنه استعاد الكثير من مستواه في الآونة الأخيرة وأصبح أكثر قوة وشراسة. فكيف نفسر إذا ما حدث أمام ريال مدريد؟ من المنطقي أن نشعر بالقلق بسبب السهولة التي كان يمر بها فيرلاند ميندي من ألكسندر أرنولد، لكن لكي نكون منصفين يجب أن نشير أيضاً إلى أن هذا لم يكن هو السبب في استقبال ليفربول لأول هدفين، حيث جاء الهدفان من تمريرتين من عمق الملعب من توني كروس، ويعود السبب الرئيسي في ذلك إلى الخلل الواضح في الطريقة التي يلعب بها ليفربول، وليس إلى خطأ فردي.
لقد استغلت التمريرتان المساحة الموجودة بين ألكسندر أرنولد وقلب الدفاع الأيمن ناثان فيليبس. ومن الواضح أنه كانت هناك مشكلة في التفاهم والتمركز، بسبب الإصابات التي عصفت بالخط الخلفي لليفربول والتي جعلت فيليبس وأوزان كاباك لا يلعبان بعضهما مع بعض كثيراً هذا الموسم. لكنّ المشكلة كلها تكمن في الطريقة التي لُعبت بها التمريرتان، فالجميع يعرف أن ألكسندر أرنولد ينطلق للأمام بشكل مستمر، والجميع يعرف أيضاً أنه يترك مساحة كبيرة خلفه عندما يقوم بالأدوار الهجومية. ومنذ أن شارك في التشكيلة الأساسية لليفربول للمرة الأولى والفرق المنافسة تسعى للقيام بتمريرات طويلة من أجل استغلال المساحات الشاسعة الموجودة خلفه.
لكن السبب في تحول هذا الأمر إلى مشكلة كبيرة في الآونة الأخيرة يتمثل في أن ليفربول لم يعد يضغط على الفرق المنافسة بنفس القوة التي كان يقوم بها العام الماضي لأسباب مختلفة من بينها الإصابات الكثيرة في صفوف الفريق وهبوط مستوى كثير من اللاعبين وتراجع الثقة وضغط المباريات. إن الطريقة المتقدمة التي يعتمد عليها ليفربول تتطلب من اللاعبين الضغط العالي والمتواصل على الفريق المنافس، وبالتالي إذا لم يكن هناك ضغط على حامل الكرة فإن ذلك سيسمح للاعبين مثل كروس بالتمرير الدقيق في المساحات الكبيرة خلف خط الدفاع. أو بعبارة أخرى، فإن الخلل الذي حدث في الطريقة التي يلعب بها ليفربول قد حوّلت نقطة القوة في أداء ألكسندر أرنولد إلى نقطة ضعف. وعندما ضغط ليفربول بشكل أقوى في المباراة الثانية أمام ريال مدريد على ملعب «آنفيلد»، لم تظهر المشكلة بشكل كبير.
وبالتالي، فإن ساوثغيت، الذي يتمتع برفاهية الاختيار من بين أربعة لاعبين مميزين للغاية في مركز الظهير الأيمن ويفكر في الفريق الذي لديه بعيداً عن حالة الجدل المثارة، يتعين عليه أن يسأل نفسه عما إذا كان منتخب إنجلترا -أو أي منتخب وطني- يمكنه الضغط بالشراسة والتنظيم اللازمين للسماح لألكسندر أرنولد باللعب بأريحية وبتقديم الواجبات الهجومية بالشكل الذي يقوم به في ليفربول. وإذا كانت الإجابة هي «لا» -كما هو واضح بكل تأكيد- فقد يكون من المنطقي اختيار ظهير أيمن قادر على القيام بالواجبات الدفاعية بشكل أفضل، ولأسباب لا علاقة لها على الإطلاق بالصفات والقدرات التي يمتلكها ألكسندر أرنولد!



المملكة المتحدة


الدوري الإنجليزي الممتاز




مصدر الخبر

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*