مصر وبلجيكا.. قصة علاقات دبلوماسية بدأت منذ عهد محمد علي باشا.. تبادل تجاري يكسر حاجز الـ1.5 مليار يورو.. تفاهم ممتد فى الملفات الإقليمية والدولية.. والأمن الاقتصاد فى المقدمة


علاقات طويلة وممتدة منذ عهد محمد على بين مصر وبلجيكا الواقعة في قلب أوروبا، توجت بالكثير من التعاون في كافة المجالات، الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، ووصل حجم التبادل التجارى بين البلدين إلى 1.5 مليار يورو، كما أن هناك دعما أيضًا لدور مصر فى المنطقة المعزز للسلام والاستقرار، في مكافحة الإرهاب، أو المصالحة الفلسطينية، وكذلك في الأزمة الليبية.


 


 

وتتميز العلاقات المصرية البلجيكية بالتنوع منذ قديم الأزل، واستمرت فى التطور خلال السنوات الأخيرة على كل الأصعدة، حيث كان هناك لقاء بين الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء البلجيكي السابق عام 2019، وشهدت بروكسل عدة زيارات لوزير الخارجية، وزيارات أخرى لعدد من الوزراء، وفى عام 2019 احتلت بلجيكا المقام الثاني للاستثمارات الأوروبية في مصر الذي بلغ 625 مليون يورو، كما قام 130 ألف بلجيكي بزيارة إلى مصر في السنوات الأخيرة.


 


وتأتى أهمية العلاقات المصرية البلجيكية المتميزة في كافة المجالات منذ أربعينيات القرن الماضي نتيجة للموقع الإقليمي الذي تحظي به كلا البلدين، حيث تعتبر بلجيكا قلب الاتحاد الأوربي، وتعتبر عاصمتها بروكسل عاصمة غير رسمية للاتحاد الأوروبي لكثرة مقار الاتحاد فيها.


 


وفى تصريحات لـ”اليوم السابع”، قال فرانسوا كورنيه دى الزيوس سفير بلحيكا لدى القاهرة، إن علاقات البلدين تعود لزمن بعيد منذ عهد محمد على، وأول علاقة دبلوماسية تم تأسيسها فى 1837، والتي كانت بعد سبع سنوات من استقلال بلجيكا، من أجل القيام بمعاملات تجارية بسيطة،  إلى أن تحول حجم التبادل التجارى بين البلدين، إلى حوالي 1.3 إلي 1.5 مليار يورو من التجارة فى كل من التصدير والاستيراد  كل عام، تقوم من خلالها بلجيكا بتصدير الكيماويات والسيارات والماكينات وتستورد الطعام والمنتجات الزراعية، وأيضًا المعادن وبعض من كل شئ، قائلًا: مصر تأتى فى المركز الثانى للتصدير لنا فى الشرق الأوسط، وهى مركز هام لأنها دولة كبيرة وبها 100 مليون نسمة لذا نود أن نكون هنا. 


 


وأكد السفير البلجيكي بالقاهرة حرص حكومته على تفعيل التعاون الاقتصادي مع مصر، وزيادة تواجد الشركات البلجيكية بها في مشروعات تعود بالفائدة على الجانبين، مثمناً في ذات السياق الإصلاحات الاقتصادية التي قامت بها مصر مؤخراً والنتائج الإيجابية التي شهدها الاقتصاد المصري.


 

مكافحة الإرهاب والتعاون الأمني


ويرتبط البلدان بعلاقات ممتدة علي صعيد الأمن ومكافحة الإرهاب، وهو ما عكسته ملفات الزيارة التي أجراها وزير الخارجية سامح شكري منتصف العام الماضي، للعاصمة البلجيكية بروكسل، ومباحثاته مع سكرتير عام حلف الناتو ينس ستلوتنبرج ، بمقر الحلف، والتي أكد خلالها دعم القاهرة للجهود الدولية في مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف.


 


وتطرقت مباحثات شكري حينها مع مسئولي الناتو والمسئوليين البلجيكيين إلى سبل تطوير برامج التعاون والشراكة القائمة بين الجانبين، وتعزيز التعاون في عدة مجالات من بينها الأمن السيبراني ومكافحة الإرهاب والهجرة غير المشروعة ، وكذلك التحديات الأمنية في أرجاء المنطقة، خاصة في شرق المتوسط وشمال أفريقيا، وكذا الساحل والصحراء والقرن الإفريقي.


 


وفى سبتمبر 2019، التقى الرئيس عبد الفتاح السيسى برئيس وزراء بلجيكا شارل ميشيل بنيويورك، على هامش اجتماع الرعاية الصحية الشاملة بالأمم المتحدة، وتطرق اللقاء إلى جهود مكافحة الإرهاب، حيث أكد الرئيس أهمية تضافر الجهود فى هذا الصدد لاسيما فيما يتعلق بوقف أى تمويل أو دعم سياسى للإرهاب. 


 

 علاقات ثقافية بين البلدين 


وتتمتع كل من مصر وبلجيكا بعلاقات ثنائية قوية ومتنوعة فى شتى المجالات، سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو ثقافية، ففى عام 2005، احتفلت مصر وبلجيكا بالذكرى المئوية للعلاقات الثنائية بينهما والتى تعود إلى الجهود الدؤوبة الذى كان له دور أساسى فى إنشاء حى مصر الجديدة فى القاهرة الحديثة، وقام السمو الملكى الأمير فيليب بزيارة مهمة لمصر فى مايو 2008، وزارت الملكة باولا مصر فى فبراير 2009.


 


كما شهدت العلاقات بين مصر وبلجيكا تنامياً مطرداً فى الفترة الاخيرة من خلال زيادة حركة العلاقات الثقافية والاقتصادية وذلك بمشاركة الجانبين المصري والبلجيكي في الفعاليات الثقافية التى تُقام فى كل من القاهرة وبروكسل، وينظم العلاقات التجارية بين البلدين اتفاق المشاركة المصرية الأوروبية الذى تم التوقيع عليه فى بروكسل بتاريخ 25 يونيو 2001 ليحل محل اتفاق التعاون الشامل والذى ظل سارياً منذ عام 1977.


 


وفى إطار الشراكة التى تجمع بين مصر والحلف الأطلسى، أعلن حلف شمال الأطلنطى “الناتو” أنه تقرر اعتماد سفارة بلجيكا بالقاهرة كنقطة اتصال في مصر السفارة البلجيكية أصبحت تمثل الناتو ونقطة الاتصال بين السلطات المصرية والحلف ووسائل الإعلام والمجتمع المدني، وتأتي الخطوة بعد أن تم في هذا الإطار إقرار تمثيل دبلوماسي مقيم لمصر لدى حلف الناتو، سيمكن نقطة اتصال للناتو فى مصر من تطوير التعاون في إطار الشراكة مع مصر وزيادة الأنشطة في هذا الشأن وبخاصة ما يتعلق بتعزيز الحوار السياسي بين الجانبي. 


 

حجم التبادل التجارى بين مصر وبلجيكا


وفى 2020 قال الوزير المفوض التجاري يحيى الواثق بالله رئيس مكتب التمثيل التجاري المصري، ان حجم التبادل التجاري بين مصر وبلجيكا خلال عام 2019 ارتقع ليبلغ نحو 1.5 مليار يورو.


 


وارتفعت الصادرات المصرية إلى بلجيكا بنسبة 0.8 % خلال الفترة من يناير إلى سبتمبر 2020 مقارنة بذات الفترة فى 2019 لتصل إلى نحو 256 مليون يورو مقابل 254.9 مليون يورو.


 


وتمثلت الصادرات المصرية إلى بلجيكا فى البلاستيك ومنتجاته والأجهزة الكهربائية وخاصة الكابلات والفواكه والمنتجات التعدينية والحديد والصلب والخضراوات ومنتجات السيراميك والملابس الجاهزة والكيماويات.


 


ومعظم بنود الصادرات المصرية إلى السوق البلجيكة حققت زيادة ملحوظة وفى مقدمتها الخضروات والفواكه بنسبة 15 %، منتجات تعدينية 800%، منسوجات %6 معدات وآلات 41%،  كيماويات 86 %، منتجات حديد وصلب 60 %، فيما تراجعت صادرات البلاستيك بشكل ملحوظ خلال الفترة يناير إلى سبتمبر 2020 بنسبة %33 وذلك انخفاضا من 137 مليون يورو إلى 91.3 مليون يورو، كما حققت صادرات المنتجات الغذائية تراجعاً بنسبة 24%.


 


وتحتل بلجيكا المرتبة التاسعة ضمن قائمة الدول الأوروبية المستوردة من مصر بقيمة بلغت 365 مليون يورو فى عام 2019، وبناء على إحصائيات الهيئة العامة للاستثمار لعام 2018 إحتلت بلجيكا المرتبة 12 من حيث قيمة المساهمة الأجنبية فى المشروعات الاستثمارية المقامة بمصر بنحو 222 مشروعاً برأس مال مصدر نحو مليار دولار.


 


كما تم الاتفاق على التطبيق المؤقت لأحكام التجارة فى إتفاق المشاركة المصرية – الأوروبية إعتباراً من أول يناير 2004، ثم دخل اتفاق المشاركة حيز التنفيذ اعتباراً من أول يونيو 2004.


 


ويقضى الاتفاق بإعفاء الصادرات المصرية من السلع الصناعية إلى دول الاتحاد الأوروبى من الرسوم الجمركية والضرائب منذ تاريخ دخول الاتفاق حيز التنفيذ، ومنح الصادرات المصرية من السلع الزراعية وبعض السلع الزراعية المصنعة مزايا تفضيلية فى إطار حصص جمركية أو موسمية. 


كما تم إبرام عدداً من الاتفاقات الثنائية بين مصر وبلجيكا فى المجالات التجارية والاقتصادية، فضلاً عن مذكرات التفاهم وبروتوكولات التعاون الموقعة بين الجهات المصرية المعنية ونظرائها من الجانب البلجيكى.


 


 

التبادل الثقافي بين البلدين


 


كما أن هناك الكثير من التبادل الثقافي والفعاليات الثقافية التي تتم بانتظام بين الجانبين المصري والبلجيكي، حيث تتواجد بعثات أثرية بلجيكية في مصر منذ عام 1907 ولذلك لا يزال ليومنا هذا 4 بعثات أثرية في مصر يتواجدون في الأقصر وفي أسوان والمنيا وفي الإسكندرية وتتواجد شراكات مع الجامعات المصرية ، المتحف الكبير يشهد على جهد الشركات البلجيكية في عملية الإنشاء وهو مشروع كبير ومثمر مع شركة مصرية.


 


وفى 2021 تسلم السفير خالد البقلي سفير مصر لدى بلجيكا ولدى المجلس الأوروبي والمفوضية الأوروبية قطعتين أثريتين مصريتين تم إخراجهما من مصر بصورة غير شرعية؛ وتتمثلان في تمثال من الحجر الجيري الملون لرجل واقف يرتكز على قاعدة يعود للحضارة المصرية القديمة عصر الدولة القديمة، وتمثال آخر صغير من “الأوشابتي” المصنوع من مادة الفيانس يعود للحضارة المصرية القديمة في عصرها المتأخر. 


 


وتم تسليم القطعتين في احتفالية أقامتها وزارة الاقتصاد البلجيكية وفق الإجراءات الاحترازية المُطبقة لمواجهة فيروس “كورونا”، وقد شارك في الاحتفالية نائب رئيس الوزراء، وزير الاقتصاد والعمل البلجيكي، والسفير خالد البقلي، بالإضافة إلى عدد من المسئولين بالحكومة البلجيكية. 


 

مصر ضمن أفضل 5 وجهات سياحية في العالم للسائح البلجيكى


وتعد بلجيكا من المستثمرين في قطاع السياحة بمصر علاوة على أنها لا تزال ضمن أفضل 5 وجهات سياحية للسائح البلجيكي على مستوى العالم ،  حيث يفضلون السياحة الثقافية ولا توجد تحذيرات من الخارجية البلجيكية ولكن توجد بعض النصائح للمتوجهين للوجهات المصرية ومتاحة على موقع السفارة لبعض المناطق المحددة مثل شمال سيناء.


 


في سبتمبر 2014 قامت الحكومة البلجيكية بتعديل نصائح السفر وذلك بالسماح لمواطنيها بالسفر إلى شرم الشيخ دون قيود ، جاء هذا التعديل بعد عدد من اللقاءات التى عقدها الجانب المصرى مع مسئولين بوزارة الخارجية البلجيكية الإعلاميين البلجيك لتوضيح حقيقة الأوضاع فى المقاصد السياحية المصرية والتأكيد على استتباب واستقرار الأوضاع بها.


 


وفى 2018 قام وفد بلجيكى يضم آنا صوفيا سكرتير عام غرفة السياحة البلجيكية، وفابيانا بيير عضو الغرفة ومالكة شركة “Espace Voyage “، بزيارة لمصر، استقبله محمد بدر محافظ الأقصر. بحثا الجانبان استعدادات المحافظة لإقامة مؤتمر اتحاد الشركات السياحية البلجيكية “UPAV ” ، وحينها صرحت آنا صوفيا أن اختيار محافظة الأقصر لعقد المؤتمر جاء لما تتمتع به من مقومات سياحية كبرى، حيث شارك ما يزيد عن 400 من أصحاب شركات السياحة البلجيكية، وكان بمثابة نقلة في السياحة المتبادلة بين الجانبين.


 

زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى بروكسل ومباحثات جديدة مع الملك


 


وتوجه الرئيس عبد الفتاح السيسي، صباح الثلاثاء، إلى العاصمة البلجيكية بروكسل؛ للمشاركة في الدورة السادسة لقمة المشاركة بين الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي، والتي ستعقد على مدار يومي 17 و18 فبراير الجاري بمقر الاتحاد الأوروبي.


 


ويتضمن برنامج زيارة الرئيس إلى بلجيكا عقد مباحثات قمة مع كل من الملك فيليب ليوبولد، ملك بلجيكا، وألكسندر دي كرو، رئيس وزراء بلجيكا؛ لبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية، بما يحقق المصالح المشتركة للدولتين والشعبين الصديقين، فضلاً عن التشاور والتنسيق المتبادل حول عدد من الملفات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.


 


 وكذلك سيعقد الرئيس لقاءً مع نخبة من مجتمع رجال الأعمال البلجيكي، لبحث سبل دفع التعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بين الجانبين، بالإضافة لاجتماعات على هامش القمة بقيادات الاتحاد الأوروبي، وكذا عدد من رؤساء الدول والحكومات، وذلك للتباحث حول دفع أطر التعاون الثنائي والتشاور حول مختلف القضايا الإقليمية والدولية.


 


والعلاقات السياسية والاقتصادية ستكون حاضرة بقوة، فعلى مدار أسابيع كانت هناك لقاءات بين مسؤولين من كلا البلدين، ففي 8 فبراير، استقبل المستشار محمد عبد الوهاب، الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، فرانسوا كورنيه سفير بلجيكا في مصر، لبحث فرص جذب الاستثمارات البلجيكية إلى مصر، وتعزيز التعاون بين الجانبين في عدد من المجالات ذات الأولوية التي تشمل الطاقة الجديدة والمتجددة، والصناعة، والإنشاءات، ومواد البناء.


 


وأكد عبد الوهاب حرص الهيئة العامة للاستثمار دعم التعاون الاستثماري وفرص تعزيزه بين البلدين الصديقين، بحيث يتناسب حجم الاستثمارات البلجيكية مع عمق العلاقات الثنائية، مشيرًا إلى انه تم التباحث حول فرص مشاركة الشركات البلجيكية في مشروعات تخدم زيادة فرص التصدير إلى افريقيا.


 


وناقش الجانبان سُبل تعزيز التعاون المؤسسي مع الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة بهدف متابعة وتسهيل تنفيذ الاستثمارات والمشروعات القائمة والجديدة بالدولتين وحل تحديات المستثمرين ووضع الوسائل والآليات اللازمة لتشجيع وزيادة الاستثمار في البلدين وذلك من خلال تكثيف اللقاءات الثنائية مع الشركات البلجيكية المهتمة بالاستثمار في مصر.


 


وأيضاً قبل أسبوعين، التقى سفير مصر لدي بلجيكا والاتحاد الأوروبي، الدكتور بدر عبد العاطي، مع عدد من كبار المسئولين في الاتحاد الأوروبي والحكومة البلجيكية لبحث مختلف ملفات التعاون السياسي والاقتصادي والتنموي بين مصر وكل من الاتحاد الأوروبي ومملكة بلجيكا وسبل دفع تطوير وتعميق هذا التعاون.


 


فيما اجتمع عبد العاطي في هذا الصدد مع سكرتير عام جهاز الخدمة الخارجية بالمجلس الأوروبي ومع مديري مكتبيّ مفوضي الاتحاد الأوروبي للاقتصاد والهجرة، بالإضافة إلى مديري عموم الإدارات العامة للتنمية والتغيُر المناخي والتجارة بالمفوضية الأوروبية.


 


وتناول السفير عبد العاطي خلال هذه اللقاءات ملفات التعاون السياسي بين مصر والاتحاد الأوروبي في ضوء التعاون التنموي، خاصةً فيما يتعلق بتشجيع الاستثمارات الأوروبية في مصر من خلال إصدار ضمانات الاستثمار من المفوضية الأوروبية، والتعاون والتنسيق المشترك اتصالا بالتحضير لاستضافة مصر للدورة السابعة والعشرين لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ COP27، فضلاً عن برامج التعاون المالي بين مصر والاتحاد الأوروبي وبرامج دعم الموازنة المصرية.


 


 


مصدر الخبر

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*